باب يصلي المغرب ثلاثا في السفر

بطاقات دعوية

باب يصلي المغرب ثلاثا في السفر

عن سالمٍ عن عبدِ الله بنِ عُمرَ رضي الله عنهما قالَ:
رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أَعجلَهُ (وفي روايةٍ: إذا جَدَّ به ) السيرُ في السفَرِ؛ يؤخِّرُ [صلاةَ] المغربِ حتى يَجمعَ بينَها وبينَ العِشاءِ.
قالَ سالمٌ: وكانَ عبدُ الله يَفعلُهُ إذا أَعجلَهُ السيرُ.
 - وزادَ اللَّيثُ: قالَ سالمٌ: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَجمعُ بين المغربِ والعشاءِ بـ "الْمُزْدلِفَةِ".
قالَ سالمٌ: وأَخَّرَ ابنُ عُمَر المغربَ [بطريق مكة]، وكانَ استُصرخَ على امرأتِه صفيَّةَ بنتِ أبي عبَيدٍ، (وفي طريقٍ: بلغه عن صفيَّة بنت أبي عبَيد شدة وجع، فأسرع السيرَ) فقلتُ له: الصلاةَ، فقالَ: سِرْ. فقلتُ له: الصلاةَ، فقالَ: سِرْ، حتى سارَ مِيلَينِ أو ثلاثةً، ثم نزَلَ، [بعد غروب الشفَقِ] فصلَّى [المغرب والعتَمة، جمع بينهما]، ثم قالَ: هكذا رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي إذا أَعجلَهُ (وفي روايةٍ: إذا جَدّ به) السيرُ.
وقال عبد الله: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير [في السفر] يؤخرُ [صلاةَ] المغربِ فيصَليها ثلاثاً، ثم يسلِّمُ، ثم قلَّما يَلبَثُ حتى يُقيمَ العِشاءَ، فيصَليها ركعتَينِ، ثم يسلِّمُ ولا يسبِّحُ [بينهما بركعةٍ، ولا] بعدَ العِشاءِ [بسجدةٍ]، حتى يقومَ من جوفِ الليلِ.

الجَمعُ بيْن الصَّلاتينِ في السَّفرِ مِنَ الرُّخصِ الَّتي رَخَّصَ اللهُ فيها لِعبادِه المسلِمينَ؛ تَخفيفًا عليهم، ودَفْعًا لِلمشقَّةِ الَّتي قد تَترتَّبُ على إلْزامِهم بِصَلاةِ كلِّ فرْضٍ في وَقتِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَجمَعُ بيْن المغربِ والعِشاءِ إذا جَدَّ به السَّيرُ وأرادَ الإسراعَ في سَفرِه، فرخَّصَ لِلمُسافرِ في الجمْعِ بيْنَ الظُّهرِ والعصرِ، وبيْن المغربِ والعِشاءِ في وَقتِ أحدِهما، ويَفعَلُ الأرفَقَ به، كما في حَديثِ مُسلمٍ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه: «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةِ تَبوكَ بيْنَ الظُّهرِ والعصْرِ، وبيْن المغرِبِ والعِشاءِ».
وللجَمعِ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ طَريقتانِ حسَبَ ما يَتيسَّرُ؛ الأُولى: جمْعُ تَقديمٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ العصرَ مع الظُّهرِ في وقْتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ مع المَغرِبِ في وَقتِ المَغرِبِ، والثَّانيةُ: جَمعُ تَأخيرٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ الظُّهرَ مع العصرِ في وقْتِ العصرِ، ويُصلِّيَ المغرِبَ مع العِشاءِ في وقْتِ العِشاءِ، وهذا كلُّه مع قَصْرِ الصَّلَواتِ الرُّباعيَّةِ إلى رَكعتَينِ؛ فتَكونُ الصَّلاةُ جمْعًا وقَصْرًا، وليس في صَلاةِ المَغربِ قَصْرٌ. وصَلاةُ الفجرِ تُصلَّى مُنفرِدةً، ولا تُجمَعُ بغَيرِها، وكذا لا جمْعَ بيْن العصرِ والمغربِ، ومَن جَمَعَ بيْن الصَّلاتينِ لَزِمَه ألَّا يُطيلَ في الفصْلِ بيْنَهما، فإنْ طال الفصْلُ بيْنَهما لا يَجمَعُ، ويُصلِّي الأخرى في وَقْتِها.
وفي الحديثِ: بَيانُ تَيسيرِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ في العباداتِ.