حديث البراء بن عازب 77
مستند احمد
حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار، مقنع في الحديد، فقال: يا رسول الله، أسلم أو أقاتل؟ قال: «لا بل أسلم، ثم قاتل فأسلم، ثم قاتل» فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا عمل قليلا وأجر كثيرا»
مِن تَوفيقِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى لِلعَبدِ وإرادةِ الخَيرِ به؛ إلهامُه أنْ يَعمَلَ صالِحًا قبْلَ مَوتِه، ويَختِمَ له به، فيَفوزَ بالنَّعيمِ المُقيمِ في الآخِرةِ، وإنْ قَلَّ عَمَلُه في الدُّنيا
وفي هذا الحَديثِ يَروي البَرَاءُ بنُ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ - قيلَ: إنَّه أنصاريٌّ مِنَ الأوْسِ مِن بَني النَّبِيتِ، وقيلَ: اسمُه: عَمرُو بنُ ثابِتِ بنِ وَقْشٍ- مُغَطًّى وَجْهُه بالحَديدِ، وهُم يَستَعِدُّونَ لِلغَزوِ، فقال هذا الرَّجُلُ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُقاتِلُ معكَ أوَّلًا ثم أُسلِمُ بعْدَ انتِهاءِ القِتالِ، أمْ أُسلِمُ أوَّلًا ثم أُقاتِلُ معكَ؟ فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعجِّلَ بإسلامِه أوَّلًا، فأسلَمَ الرَّجُلُ، ثمَّ قاتَلَ فقُتِلَ، فقال رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في شَأْنِه: «عَمِلَ قَلِيلًا، وأُجِرَ كَثِيرًا». أيْ: كانَ عَمَلُه قَليلًا بالنِّسبةِ إلى زَمانِ إسلامِه، وأجْرُه كَثيرًا؛ لِمَوْتِه شَهيدًا، ووَجَبتْ له الجَنَّةُ ولم يكُنْ قد رَكَعَ للهِ رَكعةً واحِدةً
وفي الحَديثِ: أنَّ اللهَ تعالَى يُعطي الثَّوابَ الجَزيلَ على العَمَلِ اليَسيرِ؛ تفَضُّلًا منه على عِبادِه
وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على إسلامِ العِبادِ للهِ تعالَى