حديث جابر بن سمرة السوائي73
مسند احمد
حدثنا عبد الله، حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، حدثنا شريك، عن سماك، عن جابر بن سمرة، " أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جرح، فآذته الجراحة، فدب إلى مشاقص، فذبح بها (1) نفسه، فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم "، وقال: كل ذلك أدب منه، " هكذا أملاه علينا عبد الله بن عامر من كتابه، ولا أحسب هذه الزيادة إلا من قول شريك، قوله: ذلك أدب منه "
حِفظُ النَّفْسِ مِن المَقاصدِ العُليا للشَّريعةِ الإسْلاميَّةِ، وقَتْلُ النَّفْسِ بغيرِ حَقٍّ مِن أكبَرِ الكَبائرِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حَريصًا على زَجْرِ المُسلمِ عنْ قَتلِ نَفْسهِ، وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جابرُ بنُ سَمُرةَ أنَّ رجُلًا مِن أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جُرِحَ، وكان ذلك في إحْدى المَعارِكِ، كما بيَّنتِ الرِّواياتُ، فآذَتْه الجِراحُ وتألَّمَ منها، ولم يَتحمَّلْها، فأمسَكَ بأحَدِ المَشاقِصِ -وهي سِهامٌ عِراضٌ، واحدُها مِشقَصٌ- فذبَح بها نفْسَه، فلمَّا علِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك رفَضَ أنْ يُصلِّيَ عليه؛ وذلك لأنَّ الرَّجلَ قدْ قَتَل نفْسَه، وإذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُصَلِّ عليه بنفْسِه؛ فإنَّه لم يَنْهَ المُسلِمينَ عنِ الصَّلاةِ عليه، ولعلَّ عدَمَ صَلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليه مِن أجْلِ التَّأديبِ والزَّجْرِ للنَّاسِ؛ حتَّى لا يَقَعوا في الأُمورِ المُحرَّمةِ.
وهذا مَعْنى قولِ شَريكٍ راوي الحَديثِ:ذلك أدَبٌ منه «»، أي: تأديبٌ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لكلِّ مَن تُسوِّلُ له نفْسُه الإقْدامَ على الانتِحارِ وقَتلِ نفْسِه.
وفي الحَديثِ: خُطورةُ قَتْلِ النَّفْسِ.
وفيه: عَدمُ صَلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على قاتِلِ نفْسِه.