حديث سلمة بن الأكوع 28
مسند احمد
حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: " نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فجاء عين المشركين ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتصبحون، فدعوه إلى طعامهم، فلما فرغ الرجل ركب على راحلته ذهب مسرعا لينذر أصحابه، قال سلمة: فأدركته، فأنخت راحلته وضربت عنقه فغنمني رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه "
جُعِلَ السِّترُ على البيوتِ والحُجُراتِ ليستُرَ ما خَلْفَه عن العَينِ؛ فلا يحِقُّ لأحدٍ أن يطَّلِعَ في بيتِ غيرِه إلَّا بإذنِه، ولو انكشَفَ له ما وراءَه عن غيرِ قَصْدٍ، فَلْيَغُضَّ بصَرَه، وقد حثَّ الإسلامُ على الاستئذانِ؛ حتَّى لا يقَعَ البصرُ على حَرامٍ
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ أنَسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ أعرابيًّا أتى بابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: جاء إلى بابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فألقَمَ عَينَه خَصاصةَ البابِ"، أي: جعَل ينظُرُ داخلَ الحُجرةِ في شَقٍّ مِن البابِ، وخَصاصةُ البابِ هي الفتحةُ أو الثَّقْبُ في البابِ، فلمَّا كانتْ محاذيةً لعينِه، كانَتْ مِثلَ اللُّقمةِ للفمِ، "فبصُرَ به"، أي: فرآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فتوخَّاه"، أي: اتَّجَه إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وقصَده، "بحَديدةٍ أو عُودٍ"، والعُودُ يُتَّخَذُ مِن الخشَبِ، "لِيفقَأَ عينَه"، أي: يشُقَّها، جزاءً وعُقوبةً له على تجسُّسِه، "فلمَّا أنْ بصُرَ"، أي: فلمَّا أنْ رأى أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُريدُ أن يفقَأَ عينَه "انقمَعَ"، أي: رَدَّ بصَرَه ورجَعَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أمَا إنَّكَ لو ثبَتَّ"، أي: لو ما تَحرَّكْتَ واستمَرَّ حالُكَ هكذا "لَفقَأْتُ عينَكَ"، أي: شقَقْتُ عينَكَ؛ وذلك لِمَا على الحُجرةِ مِن بابٍ أو سِتْرٍ يُوجِبُ على مَن يقترِبُ منه أن يغُضَّ بصَرَه، أمَّا لو لم يكُنْ هناك بابٌ أو سِتْرٌ يستُرُ مَن في البيتِ، فرأى عَوْرَتَهم، فلا إثمَ عليه، إنَّما أهلُ البَيتِ يَتحمَّلونَ خَطيئةَ تركِهم سَتْرَ بُيوتِهم
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن تَتبُّعِ عَوْراتِ البيوتِ بغيرِ استئذانٍ