حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 83
مستند احمد
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا معاوية يعني ابن صالح، عن ربيعة، عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر، قال: وحدثه أبو عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر، قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، يحدث الناس، فأدركت من قوله: «ما من مسلم يتوضأ فيحسن [ص:616] الوضوء، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلا عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة» فقلت: ما أجود هذه؟ فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود منها. فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، قال إني قد رأيتك جئت آنفا، قال: ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء "
رَحْمةُ اللهِ واسعةٌ، ومِن رَحمتِه وفَضلِه سبحانَه أنَّه يُكافئُ عِبادَه بالجَزيلِ مِن الأَجرِ على أقلِّ القَليلِ من العَملِ
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عُقْبةُ بنُ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان والصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "خُدَّامَ أَنْفسِنا"؛ إشارةً إلى أنَّهم لم يَكُنْ معَهم مِنْ خَدَمٍ تَخْدُمُهم، فكانوا يَقومونَ على الخِدْمةِ بأنْفُسِهم، فكانوا يتَناوَبون، أي: يتبادَلون رِعايةَ الإبِلِ؛ قال عُقْبَةُ: "فكانت عليَّ رعايةُ الإبلِ"، أي: الدَّورُ في الرِّعايةِ، "فرَوَّحتُها بالعَشيِّ"، أي: رَدَدتُ الإبلَ إلى مُراحِها في آخِرِ النَّهارِ، ولَمَّا انْتَهى عُقْبةُ من خِدمتِه رَجَع فأَدْرَكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخْطُبُ النَّاسَ، فسَمِعَه يقولُ: "ما مِنْكم مِن أَحَدٍ يتَوضَّأُ فيُحْسِنُ الوُضوءَ"، أي: يُسْبِغُ وُضوءَه، ويُعْطي كلَّ عضوٍ حقَّه من الماءِ، "ثمَّ يقومُ فيَرْكَعُ"، أي: يُصلِّي "ركعتَينِ، يُقْبِلُ عليهِما بقَلْبِه ووَجْهِه"، أي: يُخْلِصُ ويَخْشَعُ فيهما للهِ، "إلَّا قد أوْجَب"، أي: وَجَبَتْ له الجَنَّةُ، فقال عقبةُ مُعْجَبًا ومُسْتحسِنًا تلك البُشرى: "بَخٍ بَخٍ، ما أجودَ هذه
فقال له رَجُلٌ مِن بينِ يدَيه، أي: مِن أمامِه: "التي قَبْلَها"، أي: الكلمةُ والبُشْرى الَّتي قَبْلَ هذه، "يا عُقْبةُ أجوَدُ منها"، قال عُقْبةُ: "فنَظَرتُ"، أي: الَّذي يَتَكلَّمُ، "فإذا هو عُمَرُ بنُ الخطَّابِ" رَضِيَ اللهُ عنه، فقال له عُقْبةُ: "ما هي؟"، فأجابَه عُمَرُ: "إنَّه"، أي: النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "قال آنِفًا"، أي: مُنْذُ قليلٍ، "قبلَ أنْ تَجِيءَ"، أي: تأتيَ، "ما مِنْكم مِنْ أحدٍ يتَوضَّأُ فيُحْسِنُ الوُضوءَ، ثمَّ يقولُ حين يَفْرُغُ"، أي: يَنْتهي "مِن وُضوئِه: أَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه، إلَّا فُتِحتْ له أبوابُ الجَنَّةِ الثَّمانيةُ، يَدْخُلُ مِنْ أيِّها شاء"، أي: مِن أيِّ واحدٍ مِنها أراد أنْ يَدْخُلَ دَخَل
وفي الحديثِ: الحَثُّ على إسباغِ الوُضوءِ
وفيه: التنبيهُ إلى أهمِّيَّةِ إخلاصِ العبادةِ للهِ عزَّ وجلَّ