حديث نعيم بن النحام
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ سماه عن نعيم بن النحام، قال: سمعت مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة وأنا في لحافي، فتمنيت أن يقول: صلوا في رحالكم، فلما بلغ حي على الفلاح، قال: «صلوا في رحالكم» ثم سألت عنها، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره بذلك
حثَّ الشَّرعُ الكريمُ على المحافظةِ على صَلاةِ الجَماعةِ في المساجِدِ، ولكنْ إذا كان في حُضورِ صَلاةِ الجماعةِ مَشقَّةٌ؛ فإنَّ الشَّرعَ رخَّص في تَركِ الجَماعةِ، ومِن أنواعِ العُذرِ: البَرْدُ الشديدُ والمطَرُ
وفي هذا الحديثِ بَيانُ ذلك، حيث يُخبِرُ نافعٌ مَولى ابنِ عمَرَ أنَّ ابنَ عُمرَ أذَّنَ في لَيلةٍ ذاتِ بَردٍ شَديدٍ، بضَجْنانَ، وهو جَبلٌ بتِهامةَ بيْنه وبيْن مكَّةَ خَمسةٌ وعِشرون مِيلًا، ثمَّ قال ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما بعْدَ فَراغِه مِن الأذانِ مُباشرةً: صَلُّوا في رِحالِكم، أي: في مَساكنِكم وخِيامِكم، وأخبَرَهم أنَّ هذا هو هَدْيُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حيث كان يَأمُرُ مُؤذِّنًا يُؤذِّنُ، ثمَّ يقولُ بعدَ أنْ يَفْرُغَ مِن الأذانِ: ألَا صلُّوا في الرِّحالِ، ويكونُ ذلك في اللَّيلةِ الباردةِ، أو المَطِيرةِ الَّتي تكونُ كثيرةَ المطَرِ في السَّفرِ. وظاهرُ الرِّوايةِ أنَّ هذه الرُّخصةَ مُختصَّةٌ بالسَّفرِ، وقدْ ذَكَرَ العُلماءُ أنَّ هذه الرُّخصةَ عامَّةٌ لكلِّ مَن تَلحَقُه بذلك مَشقَّةٌ في الحَضَرِ أيضًا.وقد نصَّت هذه الرِّوايةُ على أنَّ مَوضعَ النِّداءِ «صَلُّوا في رِحالِكُمْ» يكونُ عَقِبَ الفَراغِ مِن الأذانِ، وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ ذَكَرَ مَوضِعَه بدَلَ الحَيعَلَتَينِ «حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاحِ»؛ ففي أيِّ الموضعَينِ نادَى المُنادي فلا بأسَ به
وفي الحديثِ: لُطفُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَخفيفُه عن عِبادِه
وفيه: مَشروعيَّةُ التَّخلُّفِ عن الجَماعةِ عِندَ وُقوعِ الضَّررِ