غاية السبق للتي لم تضمر
سنن النسائي
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل يرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمرن وكان أمدها من الثنية إلى مسجد بني زريق»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسُنُّ لأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم ما يَحصُلون به على مُتَعِ الدُّنيا، مع ما يَكونُ فيه مِن أثرٍ وغايةٍ لحِفظِ دِينِهم وآخِرتِهم
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سابَقَ بين الخيلِ التي «أُضْمِرَتْ» بأنْ عُلِفَتْ حتَّى سَمِنتْ وقَوِيَتْ ثمَّ قُلِّلَ علفُها بقَدْرِ القُوتِ وأُدخِلتْ بيتًا وغُشِّيَتْ بالجِلَالِ، أي: بالغطاءِ، حتَّى حمِيتْ وعرِقتْ، فإذا جفَّ عرَقُها خفَّ لحمُها وقَوِيتْ على الجريِ، وجعَل مسافةَ السِّباقِ تَبدأُ مِن الحَفْياءِ وهو مَوضِعٌ بقُربِ المدينةِ غربَ جبَلِ أُحُدٍ، وتَنتهي بثَنيَّةِ الوَداعِ، والثَّنِيَّةُ هي الطريقُ في الجبَلِ، وسُمِّيَت بِثَنيَّةِ الوَداعِ؛ لأنَّ الخارِجَ مِن المدينةِ كان أهلُه يُوصِلونَه إلى تلك الثَّنيَّةِ ثُمَّ يُوَدِّعونه عِندَها ويَرحَلون، وبيْنَ ثَنيَّةِ الوَداعِ والحَفْياءِ خمسةُ أميالٍ أو أكثَرُ (حوالي 8كم) وسابَقَ أيضًا بيْنَ الخَيلِ الثَّقيلةِ التي لم تُضمَرْ مِن الثَّنيَّةِ إلى مَسجِدِ بَني زُرَيْقٍ؛ قبيلةٍ مِن الأنصارِ، وإضافةُ مسجِدٍ إليهم إضافةُ تَمييزٍ لا مِلْكٍ، وبيْنَ ثَنيَّةِ الوَداعِ ومَسجِدِ بني زُرَيْقٍ مسافةُ كيلو متر واحدٍ، وكان عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما فيمَن سابَقَ بالخَيلِ أو بهذه المُسابَقةِ
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ إضافةِ المسجِدِ إلى بانِيه والمصلِّي فيه، وتَسميتِه به، وإضافةِ أعمالِ البِرِّ إلى أربابِها، ونِسبتِها إليهم
وفيه: مَشروعيَّةُ تضميرِ الخَيلِ، وتمرينِها على الجَريِ، وإعدادِها لإعزازِ كَلِمةِ الله تعالَى ونُصرةِ دِينِه
وفيه: مَشروعيَّةُ تَجويعِ البَهائمِ على وجْهِ الصَّلاحِ، وليس مِن بابِ التَّعذيبِ
وفيه: ضرورةُ بيانِ المسافةِ ومِقدارِ أمَدِها في مُسابَقاتِ الخَيلِ