فضل أبي ذر
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا الأعمش، عن عثمان بن عمير، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي
عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء، من رجل أصدق لهجة من أبي ذر" (2).
كان أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رَضِي اللهُ عنه مِن أعلامِ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم الَّذي عُرِفوا بالزُّهدِ والتَّواضُعِ، أسلَم قديمًا، وقيل: إنَّه كان خامِسَ مَن أسلَم، وهاجَرَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ الخَندقِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما أظَلَّتِ الخَضراءُ"، أي: على أحَدٍ، والمرادُ بالخضراءِ: السَّماءُ، "ولا أقَلَّتِ الغَبْراءُ"، أي: حمَلَت ورَفَعَت، والمرادُ بالغبراءِ: الأرضُ، "مِن ذي لَهجَةٍ"، أي: صاحِبِ مَنطِقٍ وكلامٍ، "أصدَقَ"، أي: أكثرَ صِدقًا في كلامِه، "ولا أوفَى"، أي: أكثرُ النَّاسِ وفاءً في عُهودِه، والمرادُ: أنَّه بلَغ مِن الصِّدقِ والوَفاءِ مُنتَهاه "مِن أبي ذَرٍّ، شِبْهِ عيسى ابنِ مَريمَ"، أي: في الزُّهدِ والتَّواضُعِ.
"فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عنه، كالحاسِدِ"، أي: يَغبِطُ أبا ذَرٍّ على ما فيه مِن صِفاتٍ حَميدةٍ: "يا رسولَ اللهِ، أفنَعرِفُ ذلك له؟"، أي: أنَعلَمُ ونَحفَظُ له تِلك المنقَبةَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَم، فاعْرِفوه"، أي: فاعلَموا واحفَظوا ذلك له.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومنقبةٌ لأبي ذرٍّ الغِفاريِّ رَضِي اللهُ عنه.