فضل الصلوات الخمس
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: «فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسَنَ النَّاسِ تَعليمًا، وأفصَحَهم بَيانًا، وكان مِن طُرُقِه الحَسَنةِ في التَّعليمِ والتَّربيةِ تَقريبُ العِلْمِ لِلنَّاسِ، بضَربِ الأمثالِ المَحسوسةِ؛ لِيَكونَ أوضَحَ لهم وأبْيَنَ
وفي هذا الحَديثِ يَضرِبُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَثَلًا لِمَحوِ الخَطايا بالصَّلَواتِ الخَمسِ، حيثُ مَثَّلَ الصَّلواتِ الخَمسَ بنَهَرٍ على بابِ الإنسانِ يَغتَسِلُ فيه كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ، فكما أنَّ دَرَنَه ووَسَخَه يَذهَبانِ حتى لا يَبقى مِن ذلك شَيءٌ، فكَذلك أيضًا الصَّلواتُ الخَمسُ في كُلِّ يَومٍ؛ تَمحو الذُّنوبَ والخَطايا حتَّى لا يَبقى منها شَيءٌ.ووَجهُ التَّمثيلِ: أنَّ المَرْءَ كما يَتدَنَّسُ بالأقذارِ المَحسوسةِ في بَدَنِه وثِيابِه، ويُطهِّرُه الماءُ الكَثيرُ، فكذلك الصَّلواتُ تُطهِّرُ العَبدَ مِن أقذارِ الذُّنوبِ، حتى لا تُبقيَ له ذَنْبًا إلَّا أسقَطَتْه وكَفَّرتْه، ما اجتُنِبتِ الكَبائِرُ، كما صَحَّ عِندَ مُسلِمٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «الصَّلَواتُ الخَمسُ، والجُمُعةُ إلى الجُمُعةِ، ورَمَضانُ إلى رَمَضانَ؛ مُكَفِّراتٌ ما بَينَهُنَّ إذا اجتُنِبَ الكَبائِرُ».والذي ذَهَبَ إليه كَثيرٌ مِنَ العُلَماءِ: أنَّ الصَّلواتِ تُكفِّرُ الصَّغائِرَ مُطلَقًا إذا لم يُصِرَّ صاحِبُها عليها؛ فإنَّها بالإصرارِ عليها تَصيرُ مِنَ الكَبائِرِ، أمَّا الكَبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، بشُروطِها