مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه918
مسند احمد
حدثنا محمد بن عبد الله يعني الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس قال: " سمع النبي صلى الله عليه وسلم نداء صبي وهو في الصلاة، فخفف، فظننا أنه إنما فعل ذلك رحمة للصبي إذ علم أن أمه معه في الصلاة "
جُعِلتْ قُرَّةُ عَينِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ، وقد كان يُؤدِّيها تامَّةَ الأركانِ والهَيئاتِ، مع التَّخفيفِ على الناسِ ومُراعاةِ أحوالِهم. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه ما صَلَّى وَراءَ إمامٍ قَطُّ أخَفَّ صَلاةً ولا أتَمَّ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي صَلاةً مُوجَزةً خَفيفةً غَيرَ طَويلةٍ، وفي الوَقتِ نَفْسِه يأتي بكَمالِها؛ مِن تَمامِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، والقيامِ والقِراءةِ، فكان إيجازُه وتَقصيرُه لِلصَّلاةِ لا يَترَتَّبُ عليه إخلالٌ بأحَدِ أركانِها، وهذا مُراعاةٌ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأحوالِ الناسِ.ثم يَسوقُ أنَسُ بنُ مالِكٍ مَظهَرًا مِن مَظاهِرِ تَخفيفِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ؛ مُراعاةً لِحاجةِ مَن خَلفَه، فيَقولُ: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا سَمِعَ بُكاءَ الصَّبيِّ خَفَّفَ الصَّلاةَ، بأنْ يَقرَأَ بالسُّورةِ القَصيرةِ؛ مَخافةَ أنْ تَلتَهيَ أُمُّه عن صَلاتِها؛ لِاشتِغالِ قَلبِها ببُكاءِ طِفلِها.
وفي الحَديثِ: الرِّفقُ بالمأمومِ وسائِرِ الأتْباعِ، ومُراعاةُ مَصلَحَتِهم، وألَّا يُدخِلَ الإمامُ عليهم ما يَشُقُّ عليهم.
وفيه: أنَّ صَلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكمَلُ صَلاةٍ، فلْيَحرِصِ المُصَلِّي على أنْ يَجعَلَ صَلاتَه مِثلَ صَلاتِه؛ لِيَحظَى بالاقتِداءِ، ويَفوزَ بعَظيمِ الأجْرِ.