مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 50
مسند احمد
حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا عمر بن زيد الصنعاني، أنه سمع أبا الزبير المكي [ص:75]، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن ثمن الهر»
حثَّ الإسلامُ على اتِّخاِذ سُبُلِ الرِّزقِ الطيِّبةِ قَدْرَ ما نَستطيعُ، والبُعدِ عن كُلِّ سَبيلٍ خَبيثةٍ
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَمَنِ الكَلبِ"، أي: نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيعِ الكَلبِ أو شِرائِه، لأنَّ الكَلبَ مُحرَّمٌ ولا يُؤكَلُ؛ ولأنَّه نَجِسٌ؛ ولأنَّ تَحريمَه ذاتيٌّ؛ "والسِّنَّوْرِ"، أي: نَهى أيضًا عن ثَمَنِ السِّنَّوْرِ وهو القِطُّ، قيل: هو ما لا مَنفَعةَ له، أو هو المُتوحِّشُ، ونَهى عنه من أجْلِ أحَدِ مَعنَيينِ: إمَّا؛ لأنَّه كالوَحْشيِّ الذي لا يُملَكُ قِيادُه، ولا يَصِحُّ التَّسليمُ فيه، والمعنى الآخر أنْ يكونَ إنَّما نَهى عن بَيعِه؛ لِئلَّا يَمنَعَه النَّاسُ فيما بينَهم، ولْيَرتَفِقوا به، ولا يَتَنازَعوه تَنازُعَ المُلَّاكِ في الأشياءِ النَّفيسَةِ، وقيل: إنَّما نَهى عن بَيعِ الوَحْشيِّ منه دونَ الإنْسيِّ
وتُعدُّ هذه الأثمانُ من شَرِّ الكَسْبِ، وإنَّما عبَّرَ عن البَيعِ بلَفظِ الثَّمَنِ؛ ليكونَ أدْعى في الاحتياطِ من عَدَمِ التَّقرُّبِ منه؛ لأنَّ الكَثيرَ يَضعُفُ أمامَ المالِ
وفي الحَديثِ: مُراعاةُ الشَّرعِ لمعالي الأُمورِ وحَثُّه المُسلِمَ على طَلَبِها في الكَسْبِ
وفيه: الحثُّ على تَجنُّبِ البُيوعِ الخَبيثةِ ببَيعِ المُحرَّماتِ أو المنهيِّ عنه