مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما 122
مسند احمد
حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، حدثنا عثمان (1) ، عن أبي حرب الديلي (2) ، سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر "
كان أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رَضِي اللهُ عنه مِن أعلامِ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم الَّذي عُرِفوا بالزُّهدِ والتَّواضُعِ، أسلَم قديمًا، وقيل: إنَّه كان خامِسَ مَن أسلَم، وهاجَرَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ الخَندقِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما أظَلَّتِ الخَضراءُ"، أي: على أحَدٍ، والمرادُ بالخضراءِ: السَّماءُ، "ولا أقَلَّتِ الغَبْراءُ"، أي: حمَلَت ورَفَعَت، والمرادُ بالغبراءِ: الأرضُ، "مِن ذي لَهجَةٍ"، أي: صاحِبِ مَنطِقٍ وكلامٍ، "أصدَقَ"، أي: أكثرَ صِدقًا في كلامِه، "ولا أوفَى"، أي: أكثرُ النَّاسِ وفاءً في عُهودِه، والمرادُ: أنَّه بلَغ مِن الصِّدقِ والوَفاءِ مُنتَهاه "مِن أبي ذَرٍّ، شِبْهِ عيسى ابنِ مَريمَ"، أي: في الزُّهدِ والتَّواضُعِ. "فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عنه، كالحاسِدِ"، أي: يَغبِطُ أبا ذَرٍّ على ما فيه مِن صِفاتٍ حَميدةٍ: "يا رسولَ اللهِ، أفنَعرِفُ ذلك له؟"، أي: أنَعلَمُ ونَحفَظُ له تِلك المنقَبةَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَم، فاعْرِفوه"، أي: فاعلَموا واحفَظوا ذلك له.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومنقبةٌ لأبي ذرٍّ الغِفاريِّ رَضِي اللهُ عنه.