‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما3

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما3

حدثنا عبد الله بن بكر، قال حاتم بن أبي صغيرة: عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر "

ذِكرُ اللهِ تعالَى له فوائدُ عَظيمةٌ؛ فبه تُغفَرُ الذُّنوبُ، وتُفتَحُ أبوابُ الجِنانِ، ويُطرَدُ الشَّيطانُ، ويرطُبُ اللِّسانُ، وتطمئِنُّ به القلوبُ، إلى غيرِ ذلك ممَّا يُنعِمُ اللهُ به على عِبادِه؛ جزاءً على ذِكرِه.

وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ قال حينَ يَأْوي إلى فِراشِهِ"، أي: عندَما يَذهَبُ إلى مَكانِ نوْمِه، "لا إلهَ إلا اللهُ"، أي لا مَعْبودَ بِحَقٍّ إلا اللهُ "وحدَه لا شريكَ له"، أي: لا يُشارِكُهُ أحَدٌ في أسْمائِهِ وصِفاتِهِ وأفْعالِهِ، "له المُلْكُ"، أي: هو مالِكُ كُلِّ شَيْءٍ، "وله الحمْدُ" أي له جميعُ المحامِدِ "وهو على كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ"، أي: قديرٌ على كُلِّ شَيْءٍ من المُمْكِناتِ والمُسْتَحيلاتِ، "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ"، أي: لا حِيلَةَ في الخَلاصِ مِن المعاصي، ولا قُوَّةَ لي على الطَّاعةِ إلَّا بتوفيقِه تعالى، ولا قُوَّةَ على الطاعةِ والدَّوامِ والثَّباتِ عليها إلَّا بإذْنِ اللهِ وأمْرِه، وقيل في مَعْناها: لا حَوْلَ في دَفْعِ الشَّرِّ، ولا طاقَةَ بجَلْبِ خيرٍ إلا بإِذْنِ اللهِ، وهي كلِمةٌ فيها اعْتِرافٌ من قائلِها بالإذْعانِ والخُضوعِ للهِ، وتَسْليمِ الأمْرِ إليه، "سُبْحانَ اللهِ" ومَعْناها التَّنزيهُ الكامِلُ للهِ تعالى عن كلِّ نقْصٍ، ووصْفُه بالكمالِ التَّامِّ الَّذي يَليقُ بجَلالِه "والحمْدُ للهِ" ومَعْناها الاعتِرافُ بأنَّ اللهَ هو المُسْتحِقُّ وحدَه لِمعاني الشُّكرِ والثَّناءِ، "ولا إلهَ إلَّا اللهُ" وهي كلِمةُ التَّوحيدِ الخالصَةُ الَّتي تَعني أنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، وأنَّه وحدَه المستحِقُّ للعِبادةِ، "واللهُ أكْبَرُ" وفيها مَعنى العَظَمَةِ للهِ، وأنَّه أعْلَى وأكْبَرُ مِن كلِّ شيءٍ "غُفِرَتْ له ذُنُوبُهُ أو خَطاياهُ -شكَّ مِسْعَرُ-"، وهو ابْنُ كِدَامٍ أحَدُ رُواةِ الحديثِ، "وإنْ كانتْ مثلَ زَبَدِ البَحْرِ" وهو ما يَعْلُو البَحْرَ مِنَ الرَّغْوَةِ عندَ تموُّجِه وهَيَجانِه، وهو يُعبِّرُ عن كَثْرةِ الذُّنوبِ، وعَدَمِ حَصْرِها، ومعَ كَثْرتِها الهائلةِ يَغْفِرُها اللهُ لمَنْ أَتَى بهذا الذِّكْرِ بعدَ عِندَ ذَهابِه إلى النَّومِ.

 وهذه الأدْعِيَةُ مُشْتَمِلةٌ على التَّنزيهِ والثَّناءِ والتَّوحيدِ والتَّعظيمِ للهِ سُبْحانهُ؛ فجَمَعَتْ بذلك أعْظَمَ الصِّفاتِ للهِ، وأعْظَمَ الأسماءِ، وقد وَرَدَ في فضْلِ هذه الكلِماتِ أحاديثُ أنَّها أَحَبُّ إلى الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ، وأنَّها أفْضَلُ الكلامِ بعدَ القُرآنِ، وهُنَّ المُنْجِيَاتُ والمُقدَّماتُ والباقِياتُ الصَّالحاتُ.

وفي الحديثِ: بَيانُ فَضْلِ ذِكْرِ اللهِ بهذه الكلِماتِ، وأنَّ أجْرَهنَّ يَبقى في الآخِرَةِ