مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 442

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 442

حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن عشت إن شاء الله، زجرت أن يسمى: بركة، ويسار، ونافع - قال جابر: لا أدري، ذكر رافعا أم لا - إنه يقال له: هاهنا بركة؟ فيقال: لا، ويقال: هاهنا يسار، فيقال: لا "، قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يزجر عن ذلك، «فأراد عمر أن يزجر عنه، ثم تركه»

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُغيِّرُ بعضَ الأسماءِ الموروثةِ مِن الجاهليَّةِ؛ لِيُصحِّحَ المفاهيمَ، ويُبعِدَ العُقولَ والقُلوبَ عن ارتباطِها بأسماءَ تَحمِلُ صِفاتٍ وَهميَّةً مُرتبِطةً باعتقاداتٍ فاسدةٍ

 كما في هذا الحَديثِ؛ حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنْ عِشتُ نَهَيتُ أُمَّتي -إنْ شاء اللهُ- أنْ يُسمِّيَ أحدُهم برَكةً، ونافعًا، وأفلَحَ -ولا أدْري قال: رافعٌ أمْ لا؟- يُقال: هاهنا بَركةٌ؟ فيُقال: ليس هنا"؛ لأجْلِ كراهِيةِ فَقْدِ مَعاني هذه الأسماءِ، ولِبَشاعةِ الجوابِ، ورُبَّما أوقَعَ بعضَ الناسِ في شَيءٍ مِن الطِّيَرةِ، فأشار إلى استمرارِ معنى التَّفاؤلِ بعَدَمِ نَفْيِ وُجودِ هذه المعاني، على أنَّ النَّهيَ لم يَختَصَّ بهذه الأسماءِ المنصوصةِ، بلْ كلُّ ما في معناها؛ للعِلَّةِ التي ذُكِرَت في الحديثِ، ولكنْ قُبِضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولمْ يَنْهَ عن ذلكَ
وكان مِن عادةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا: أنْ يُغيِّرَ الأسماءَ القبيحةَ، كما روى مسلِمٌ: أنَّه غَيَّر اسمَ عاصيةَ فسمَّاها جَميلةَ؛ لقُبحِ المعنى المشتقِّ مِن لَفظِ (عاصية)، وقد يُغيِّرُ الاسمَ لأنَّ فيه تَزكِيةً للنَّفْسِ؛ فقد روى مُسلمٌ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عن التَّسميةِ بِبَرَّةَ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تُزكُّوا أنفُسَكم؛ اللهُ أعلَمُ بأهلِ البِرِّ منكم، فقالوا: بِمَ نُسَمِّيها؟ قال: سَمُّوهَا زَينبَ"، وقد يَنهى عن الاسمِ؛ لِمَا فيه مِن التَّعظيمِ والكِبْرِ؛ كالتَّسميةِ بمالِكِ الأملاَكِ كما رَوى مُسلمٌ