مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 538

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 538

قرأت على أبي، حدثكم القاسم بن مالك قال: أخبرنا الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى "

حَثَّ الإسلامُ على التَّعفُّفِ وعَدَمِ سؤالِ الناسِ دُونَ حاجةٍ أو ضَرُورةٍ، ومع ذلك فقَدْ أمَرَ بِحُسنِ التَّصدُّقِ على السَّائلين وعدَمِ المنِّ والأذَى

وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "الأَيْدِي ثلاثةٌ"، أي: الأيَادِي ثلاثةُ أصنافٍ مِن حَيثُ الإعطاءُ والأَخذُ

 الأُولَى: "يَدُ اللهِ العُليَا" لأنَّ اللهَ هو الْمُعطِي والرَّزَّاقُ لكلِّ العبادِ على الحقيقةِ، للغَنِيِّ وللفَقِيرِ، ومَهْمَا بلَغ عطاءُ أيِّ أحدٍ فعطاءُ اللهِ فوقَ عطائِه، ونُثبِتُ للهِ يدًا كَمَا أثبَتَها لِنَفسِه وأَثبَتَها لَهُ نبيُّه صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم، وَهي صِفَةُ لا تُكيَّفُ ولا تُشَبَّهُ بيدِ المخلوقين ولا تُؤَوَّلُ بل نُؤمنُ بأن للهِ سبحانه يداً تليقُ بكمالِه وجلالِه، والكَيْفُ مجهولٌ

 والثَّانِيَةُ: "يَدُ المُعطِي الَّتِي تَلِيهَا"، أي: الَّتِي تَلِي يدُ الله فِي الإنفاقِ والعَطاءِ، فلها مكانَتُها بِمَا تُنفِقُه

والثَّالِثَةُ: "يَدُ السَّائِلِ السُّفلَى"، أي: اليَدُ الَّتِي تَسأَلُ حاجَتَها النَّاسَ، وَهِيَ مَوْضِعُ ذَمٍّ لِسُؤالِها هذا. ثُمَّ يأمُر النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم بالإنفاقِ والعَطاءِ بقَولِه: "فأَعْطِ الفَضْلَ"، أي: أَنفِقْ ما زَادَ على حاجَتِكَ، "ولا تَعجِزْ عن نَفسِكَ"، أي: ولا تُنفِقْ إنفاقًا يَجعَلُك تَعجِزُ فِي الإنفاقِ على نفسِك بَعْدَ ذَلِكَ ويُلْجِئُكَ لسُؤالِ النَّاسِ، وقيل: ولا تَبخَلْ فِي الإنفاقِ بادِّعاءِ العَجزِ وعدمِ القُدرَةِ على العَطاءِ، فتَمنَع نفسَك الأجْرَ