مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 114
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي، قال: كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت " رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما " (1)
الدِّينُ هو ما جاء به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنْ عندِ ربِّ العالَمينَ، وليس ما يَرَى النَّاسُ مِن آراءَ أو ما يَقولونَ بأفهامِهِمْ وعُقولِهِمُ القاصرةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليٌّ رَضِي اللهُ عنه:
"لو كان الدِّينُ بالرَّأي" ممَّا يُمْلي به ظاهِرُ العَقْلِ والملاحظةُ "لكانَ أَسْفَلُ الخُفِّ أَوْلى بالمسحِ مِن أعلاه"؛ لِما فيه مِنَ الأذى، بخِلافِ ظاهِرِه، وهذا مُقْتَضى العقلِ والرَّأيِ في الظَّاهِرِ، "وقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمْسَحُ على ظاهِرِ خُفَّيهِ"، يَعني: فلِذَلك أَفْعَلُه؛ لأنَّه ما أَمَرَ به إلَّا لحِكْمةٍ، وعقلي محدودٌ، بخِلافِ حُكْمِ اللهِ سُبْحانَه وتعالى، وبالتأمُّل يظهر فسادُ الرأي بمسح أسفل الخف؛ لأنَّ أسفله مَظِنَّةُ كَثرةِ الوَسخِ، ومَسْحُه يُؤدِّي إلى تَلويثِ اليدِ مِن غيرِ فائدةٍ؛ إذ ليس المقصودُ إزالةَ الوسخِ عن الخُفِّ.
وفي الحَديثِ: بيانٌ لرُجْحانِ عَقْلِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه وإيمانِه.
وفيه: أنَّ أيَّ رأيٍ يُخالِفُ السُّنَّةَ رأيٌ فاسدٌ، والسُّنَّة أحقُّ أنْ تُتبَّعَ.