228 مسند أبي هريرة رضي الله عنه
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على أُمَّتِه، يُعلِّمُهم الخيرَ، ويَأمُرُهم بما يَنفَعُهم؛ في أُمورِ دِينِهم وتَصحيحِ عَقيدتِهم
وفي هذا الحَديثِ دَعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَبَّه قائلًا: "اللَّهُمَّ لا تَجعَلْ قَبري وَثَنًا يُعبَدُ" والوَثَنُ: الصَّنمُ، والمَعنى: لا تَجعَلْ قَبْري مثلَ الصَّنمِ الذي يَعبُدُه النَّاسُ بتَعظيمِه، واستِقبالِهم نحوَه في السُّجودِ، وهذا ممَّا يَفعَلُه بعضُ جُهَلاءِ اليومِ في طَلبِ قُبورِ الصَّالحينَ وأضرِحَتِهم بالزِّيارةِ والدُّعاءِ عندَها؛ فكلُّ هذا ممَّا يُخالِفُ شَرعَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وفيه نَوعٌ مِن الوَثنيَّةِ التي حذَّرَ منها الشَّرعُ المُطهَّرُ، ودُعاؤه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو مِن بابِ التِزامِ العُبوديَّةِ للهِ تَعالى، ولكَراهيَةِ أنْ يُشرِكَه أحدٌ في عِبادةِ اللهِ، وهو أيضًا تَوجيهٌ وتَعليمٌ لأُمَّتِه
ثم بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَظاعةَ هذا الأمرِ، فقال: "اشتَدَّ غَضبُ اللهِ على قَومٍ" وهؤلاء القَومُ هم اليَهودُ والنَّصارى -كما جاء مُفسَّرًا في رِواياتٍ أُخرى- وبيَّنَ أنَّ سَببَ هذا الغَضبِ أنَّهم "اتَّخَذوا قُبورَ أنبيائِهم مَساجِدَ"؛ وذلك إمَّا بالسُّجودِ إليها تَعظيمًا لها، أو بجَعْلِها قِبلةً يَتوَجَّهونَ إليها في الصَّلاةِ، ويَقصِدونَها بعِبادتِهم
وفي هذا الحَديثِ: تَحذيرٌ ونَهيٌ شَديدانِ، وإعلامٌ للأُمَّةِ بأنْ يَتجَنَّبوا اتِّخاذَ القُبورِ مَساجِدَ؛ لِما في ذلك مِن الذَّريعةِ إلى عِبادَتِها والاعتِقادِ فيها
وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على إبْعادِ أُمَّتِه عن الشِّركِ وأسبابِه