إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

بطاقات دعوية

إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

(إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (الشعراء98)


وهذه التسوية إنما كانت في الحب والتأليه واتباع ما شرعوا، لا في الخلق والقدرة والربوبية وهي العدل الذي أخبر به عن الكفار، كقوله:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنور ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).


وأصح القولين: أن المعنى: ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، فيجعلون له عدلا يحبونه ويقدسونه ويعبدونه، كما يعبدون الله ويعبدونه، ويعظمون أمره.


وقال في طريق الهجرتين: وهذه التسوية لم تكن منهم في الأفعال والصفات، بحيث اعتقدوا أنها مساوية لله سبحانه في أفعاله وصفاته. وإنما كانت تسوية منهم بين الله وبينها في المحبة والعبودية والتعظيم، مع إقرارهم بالفرق بين الله وبينها.

فتصحيح هذه: هو تصحيح شهادة أن لا إله إلّا الله.


فحقيق لمن نصح نفسه، وأحب سعادتها ونجاتها: أن يتيقظ لهذه المسألة علما وعملا، وتكون أهم الأشياء عنده، وأجلّ علومه وأعماله، فإن الشأن كله فيها، والمدار كله عليها، والسؤال يوم القيامة عنها. قال تعالى:
 (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) قال غير واحد من السلف: هو عن قول «لا إله إلا الله» وهذا حق. فإن السؤال كله عنها، وعن أحكامها وحقوقها، وواجباتها ولوازمها. فلا يسأل أحد قط إلا عنها وعن واجباتها، ولوازمها وحقوقها.

قال أبو العالية: كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟.

فالسؤال عما ذا كانوا يعبدون: هو السؤال عنها نفسها.

والسؤال عما ذا أجابوا المرسلين: سؤال عن الوسيلة والطريق المؤدية إليها: هل سلكوها وأجابوا الرسل لما دعوهم إليها؟ فعاد الأمر كله إليها. وأمر هذا شأنه حقيق بأن تثنى عليه الخناصر، ويعضّ عليه بالنواجذ، ويقبض فيه على الجمر.


ولا يؤخذ بأطراف الأنامل، ولا يطلب على فضلة، بل يجعل هو المطلب الأعظم، وما سواه إنما يطلب على الفضلة. والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه.