فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

بطاقات دعوية

فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

(وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (القصص47)
فأخبر تعالى أن ما قدمت أيديهم قبل البعثة سبب لإصابتهم بالمصيبة. وأنه سبحانه لو أصابهم بما يستحقون من ذلك لاحتجوا عليه بأنه لم يرسل إليهم رسولا ولم ينزل عليهم كتابا. فقطع هذه الحجة بإرسال الرسول، وإنزال الكتاب لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وهذا صريح في أن أعمالهم قبل البعثة كانت قبيحة، بحيث استحقوا أن يصابوا بها بالمصيبة. ولكنه سبحانه لا يعذب إلا بعد إرسال الرسل. وهذا هو فصل الخطاب.


وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم: أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة.

وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلابية كليهما، فاستطالت كل طائفة منهما على الأخرى، لعدم جمعها بين هذين الأمرين. فاستطالت الكلابية على المعتزلة بإثباتهم العذاب قبل إرسال الرسل، وترتيبهم العقاب على مجرد القبح العقلي. وأحسنوا في رد ذلك عليهم.واستطالت المعتزلة عليهم في إنكارهم الحسن القبح العقليين جملة، وجعلهم انتفاء العذاب قبل البعثة دليلا على انتفاء القبح، واستواء الأفعال في أنفسها وأحسنوا في رد هذا عليهم.فكل طائفة استطالت على الأخرى لسبب إنكارها الصواب.


وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فلا سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد قوله، ولا الظفر عليه أصلا. فإنه لوافق لكل طائفة على ما معها من الحق مقرر له، مخالف لها في باطلها منكر له.