اتباع الصيد
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي موسى، ح وأنبأنا محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن اتبع السلطان افتتن» واللفظ لابن المثنى
لقد دَلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه وأرشَدَها لِكُلِّ خَيرٍ؛ فمَنِ اتَّبَعَ أمْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واجتَنَبَ نَهْيَه، أفْلَحَ وفازَ ورَبِحَ في الدُّنيا والآخِرةِ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن سَكَنَ الباديةَ" وهي الصَّحراءُ، "جَفَا"، أي: أصْبَحَ في طَبعِه شِدَّةٌ وقَسوةٌ؛ بَعدَ لُطفِ الأخلاقِ؛ وذلك لِمَا تَحمِلُه عليه طَبيعةُ الحياةِ في الصَّحراءِ مِن قِلَّةِ مُخالَطةِ النَّاسِ، ولِفَقدِ مَن يُرَوِّضُه ويُؤَدِّبُه "ومَنِ اتَّبَعَ الصَّيدَ" بأنْ صارَ أكثَرُ أمْرِه في الصَّيدِ، وكانَ صَيدُه لِغَيرِ ضَرورةٍ "غَفَلَ"؛ لِأنَّه شَغَلَ نَفْسَه وقَلْبَه بما يُلْهيه حتَّى يُصابَ بالغَفْلةِ عن مَصالِحِه، "ومَن أتى السُّلطانَ"، فتَردَّدَ على وَليِّ الأمْرِ لِغَيرِ حاجةٍ أو ضَرورةٍ. وفي رِوايةٍ: "مَن لَزِمَ السُّلطانَ" "افْتُتِنَ"، بمَعنى أنَّه يُصابُ في دِينِه بسوءٍ؛ وذلك لِأنَّه سَيَقَعُ في مُداهنَتِه، ويَعزُفُ عن أمْرِه بالمَعروفِ ونَهْيِه عنِ المُنكَرِ. وقيلَ: سَبَبُ فِتنَتِه أنَّه يَرى سَعةَ الدُّنيا والخَيرَ هناك، فيَحتَقِرُ نِعمةَ اللهِ عليه، ورُبَّما استَخدَمَه، فلا يَكادُ يَسلَمُ في تَصَرُّفِه مِنَ الإثْمِ في الآخِرةِ، أوِ العُقوبةِ في الدُّنيا
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِنْ سَكَنِ الباديةِ، واتِّباعِ الصَّيدِ، وإتيانِ الحُكَّامِ لِغَيرِ حاجةٍ أو ضَرورةٍ