البكر يزوجها أبوها وهي كارهة
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت، فلا جواز عليها»
لقدْ كرَّمَ الإسلامُ المرأةَ، ومِن ذلك: أنَّه جعَلَ لها حُقوقًا تعبِّرُ فيها عن نفسِها، وخاصَّةً عند الزَّواجِ؛ فللمرأةِ حَقٌّ في الموافقةِ أو الرَّفضِ لمَن يَتقدَّمُ إليها ويَطلبُ زواجَها مِن وليِّ أمرِها
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ليس للوليِّ مع الثَّيِّبِ أمرٌ"، أي: ليس له أن يَفرِضَ رأيَه وقرارَه بالقَبولِ أو الرَّفضِ على مَن سبَق لها الزَّواجُ لِمَن طلَبَها للزَّواجِ، بل يُؤخَذُ منها صَريحُ اللَّفظِ بالقَبولِ أو الرَّفضِ، ووليُّ المرأةِ: هو الَّذي يَلي أمرَها مِن عَصَبَتِها مِن الرِّجالِ الأقرَبِ فالأقرَبِ، كأبيها وأخيها وعمِّها. ... "واليتيمَةُ"، أي: الَّتي ليس لها أبٌ، والمرادُ باليتيمَةِ البِكرُ؛ كما فُسِّر برِواياتٍ أُخرَى، وحمَله البعضُ على أنَّ المرادَ: البِكرُ اليتيمَةُ بحَمْلِ المطْلَقِ على المقيَّدِ، "تُستَأمَرُ"، أي: يأخُذُ وليُّها رأيَها فيمَن تقدَّم لها، "وصَمتُها إقرارُها"، أي: وسُكوتُها علامةٌ على مُوافقتِها بالزَّوجِ؛ وذلك أنَّ البِكرَ والصَّغيرةَ تكونُ أشدَّ حَياءً مِن الَّتي قد سبَق لها الزَّواجُ، وأيضًا فإنَّ ذلك مِن حِرصِ الإسلامِ على مَصلحةِ القاصِراتِ واليتيماتِ، وحثِّه للأولياءِ على رِعايتِهنَّ، وحُسنِ اختيارِ الأزواجِ لهنَّ؛ لأنهنَّ قليلاتُ الخِبرةِ، ويَسهُلُ خِداعُهنَّ
وفي الحديث: بيانُ مُراعاةِ الإسلامِ لحقِّ المرأة الثيِّبِ وأنَّ أمْرَها بيَدِها في الزَّواجِ؛ فلا بدَّ مِن موافقتِها، وليس للوليِّ أن يَجبُرَها على الزَّواجِ مِمَّن لا تَرغَبُ فيه