القسامة في الجاهلية 3
بطاقات دعوية
عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة، قد زنت، فرجموها، فرجمتها معهم (31).
لقدْ تَخلَّقَ الصَّحابةُ والتَّابِعونَ بأخْلاقِ الإسْلامِ العَليَّةِ، وتَشرَّبَتْها نُفوسُهم، ونَفَروا مِن مَساوئِ الأخْلاقِ، وحَذَّروا منها، واتَّخَذوا مِن المَشاهِدِ الواقِعيَّةِ نَماذِجَ تُعينُهم على تَرْبيةِ أنفُسِهم، ومَن يَأْتي بعدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أبو عبدِ اللهِ عَمرُو بنُ مَيْمونٍ الأَوْديُّ الكُوفيُّ، وهو مِن الَّذين أدْرَكوا الجاهِليَّةَ، والنُّبوَّةَ، وأسلَمَ، ولكنَّه لم يَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فيُخبِرُ أنَّه رَأى في الجاهِليَّةِ قِرْدةً، وهي أُنْثى الحَيوانِ المَعروفِ، وكان ذلك باليَمَنِ، كما في رِوايةِ أبي نُعَيمٍ في مَعرِفةِ الصَّحابةِ، قدِ اجتمَعَ عليها مَجْموعةٌ مِن القُرودِ، حالَ كَونِها قدْ زنَتْ، فرَجَموها، فرجَمَها معَهم، ولا يَلزَمُ مِن كَونِ صُورةِ الواقِعةِ صُورةَ الزِّنا، والرَّجمُ أنْ يكونَ ذلك زِنًا حَقيقةً، وإنَّما أَطلَقَ ذلك عليه لشَبَهِه به، فلا يَستَلزِمُ ذلك إيقاعَ التَّكْليفِ على الحَيوانِ، ويُحتَمَلُ أنْ يُقالَ: إنَّهم كانوا مِن الجِنِّ، أو كانوا مِن الإنْسِ ومُسِخوا قِرَدةً وتَغيَّروا عنِ الصُّورةِ الإنْسانيَّةِ فقطْ، أو كان صُورتُه صُورةَ الزِّنا والرَّجمِ، ولم يكُنْ ثمَّةَ تَكْليفٌ ولا حَدٌّ، وإنَّما هو ظنُّه الَّذي ظنَّ في الجاهِليَّةِ.