باب كتاب المغازي
بطاقات دعوية
عن أبي سعيد بن مالك الخدري رضي الله عنه [أنه كان غائبا، ف 6/ 239] قدم من سفر، فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضحى، فقال: [أخروه] , ما أنا بآكله حتى أسأل، فانطلق إلى أخيه لأمه -وكان بدريا- قتادة (*) بن النعمان (وفي رواية: أبا قتادة) (18)، فسأله؟ فقال: إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام.
كان الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ عليهم وَقَّافينَ عندَ حُدودِ اللهِ، ويَمتَثِلونَ أمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَهْيَه
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ خَبَّابٍ مَوْلى بَني عَديِّ بنِ النَّجَّارِ الأنْصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا سَعيدٍ سَعدَ بنَ مالِكٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه قَدِمَ مِن سَفَرٍ، فقَدَّم إليه أهلُه لَحمًا مِن لُحومِ الأضْحَى الَّتي ادَّخَروها لوَقتِ الحاجةِ إليها، فقال: ما أنا بآكِلِه حتَّى أسْألَ عن حُكمِه، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن أكْلِ لُحومِ الأضَاحيِّ بعْدَ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن يَومِ الأضْحَى، ثمَّ أباحَه، ولم يَبلُغْه أمرُ الإباحةِ، فانطَلَقَ إلى أخيه لأُمِّه، وكان أخوهُ هذا ممَّن شهِدَ غَزْوةَ بَدرٍ الكُبْرى معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في العامِ الثَّاني منَ الهِجْرةِ، وهو قَتادةُ بنُ النُّعْمانِ الأنْصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه، وهو الَّذي أُصِيبَتْ عَينُه يومَ أُحُدٍ - فأخَذَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فردَّها إلى مَكانِها، فكانت أحسَنَ عَينَيْه، فسَأَلَه أبو سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنه عن أكْلِ لُحومِ الأضْحَى وما استَجَدَّ فيها، فقال له: إنَّه حدَث بعْدَكَ أمْرٌ، نَقْضٌ -أي: نَاقِضٌ- لِمَا كانوا يُنهَوْنَ عنه مِن أكْلِ لُحومِ الأضْحَى بعْدَ ثَلاثةِ أيَّامٍ، فالنَّهيُ مَنْسوخٌ بقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّحيحَينِ: «كُلُوا وادَّخِرُوا وتَزَوَّدُوا»
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن لم يكُنْ يَعلَمُ حُكمَ شَيءٍ وجَبَ عليه سؤالُ مَن يظُنُّ أنَّه به عَليمٌ
وفيه: التَّثبُّتُ في مَعرِفةِ الحُكمِ الشَّرعيِّ قبلَ الإنْكارِ على المُخالِفِ
وفيه: عِلمُ الصَّحابيِّ قَتادةَ بنِ النُّعْمانِ الأنْصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه، وفَضيلَتُه، وكَوْنُه ممَّن شهِد بَدرًا
وفيه: فَضيلةُ الصَّحابيِّ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه