باب الاشتراك في الهدي
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة. (م 4/ 88
الهَدْيُ والنَّحْرُ مِن شَعائرِ الحَجِّ، وفيه قُربَةٌ للهِ، وإطعامٌ للفُقَراء والمساكين، وقدْ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أحكامَه، وأنَّه يَصِحُّ أنْ يَشتَرِكَ سَبْعَةُ أشخاصٍ في بَدَنَةٍ واحدةٍ وتُجزِئُ عنهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما أنَّهم عِندما كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في الحجِّ والعُمْرةِ، اشتَرَك كلُّ سَبْعةٍ في بَدَنَةٍ، والبَدَنةُ: تكونُ مِن الإبلِ خاصَّةً، وقيل: البُدْنُ تُطلَقُ على الإبلِ والبقَرِ. وفي رِواية أُخرى عندَ مُسلمٍ: «في الإبِلِ والبَقَرِ، كلُّ سَبعةٍ منَّا في بَدَنةٍ»، وهذا يَعني: أنَّ الهَدْيَ إذا كان جَمَلًا أو بَقرةً أجْزَأَ فيه أن يَشترِكَ فيها سَبعةٌ.
فقال رجُلٌ لجابرٍ: «أَيُشْتَرَكُ في البَدنةِ ما يُشتَرَكُ في الجَزُورِ؟» والجَزُورُ: هو الصَّغِيرُ مِن الجِمَالِ، قيل: إنَّ البَدَنةَ هي الَّتي تُهدَى للبيتِ قبْلَ الإحرامِ بالنُّسُكِ، وأمَّا الجَزورُ فهو ما اشْتُرِيَ مِن الإبِلِ وأُهدِيَ للبيتِ بعْدَ الإحرامِ، ولذلك سَألَ الرَّجلُ عنها: وهلْ يَجوزُ الاشتراكُ فيها أيضًا؟ فقال له جابرٌ: «ما هي إلَّا مِن البُدْنِ»، أي: إنَّ الجَزُورَ لَمَّا اشتُرِيَت للنُّسُكِ صار حُكمُها كالبُدْنِ.
وأخبَرَ أبو الزُّبيرِ -راوي الحديثِ عن جابرٍ رَضِي اللهُ عنه- أنَّ جابرًا قد حضَر الحُدَيْبِيَةَ، وهي الواقعةُ الَّتي مُنِع فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم والمسلِمون مِن دُخولِ مَكَّةَ لأداءِ العُمرةِ، فحَلَّ ونَحَر الهَدْيَ في مكانِه الَّذي أُحصِرَ فيه، وكانت في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهجرةِ، والحُدَيبيَةُ اسمٌ لبِئرٍ يقَعُ بالقُربِ مِن مكَّةَ على بُعدِ حوالَيْ 20 كم على طَريقِ جُدَّةَ القَديمِ.
وأخبَرَ جابرٌ رَضِي اللهُ عنه أنَّهم نَحَروا يومئذٍ سَبعينَ بَدَنةً، اشترَكَ كلُّ سَبعةٍ في بَدَنةٍ، وفي رِوايةٍ: «فأَمَرَنا»، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم «إذا أَحْلَلْنا أنْ نُهدِيَ، ويَجتمِعَ النَّفَرُ منَّا في الهَدِيَّةِ»، أي: يَشترِكَ الجماعةُ إلى السَّبعةِ في البَدَنةِ الواحدةِ، «وذلك حينَ أمَرَهم أنْ يَحِلُّوا مِن حَجِّهم» أمَّا الحجُّ فأراد به حَجَّةَ الوداعِ، وأمَّا العمرةُ فأراد بها عُمرةَ الحُدَيبيةِ، كما يُشيرُ إليه قولُه: «وحضَرَ جابرٌ الحُدَيبيةَ».
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ اشتراكِ السَّبعةِ في البَدَنة الواحدةِ لإهدائِها للحجِّ