باب التغليظ في قتل مسلم ظلما 4
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن عبد الرحمن بن عائذعن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لقي الله لا يشرك به شيئا، لم يتند بدم حرام، دخل الجنة" (1).
غلَّظَ الإسلامُ العُقوبةَ في إصابةِ الدَّمِ الحرامِ، وحدَّدَ ضَوابطَ شَرعيَّةً للقَتْلِ، وشدَّدَ في إثباتِها بالبيِّناتِ الواضِحاتِ والشُّهودِ العُدولِ وغيرِ ذلك؛ حِفْظًا للدِّماءِ المعصومةِ، وحِفاظًا على المُجتمعاتِ.
وفي هذا الحديثِ يَروي عُقبةُ بنُ عامِرٍ الجُهَنِيُّ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "مَن لَقِيَ اللهَ لا يُشْرِكُ به شيئًا"، أي: مات على التَّوحيدِ للهِ مع الإيمانِ الكامِلِ واليَقينِ، "لم يَتَنَدَّ بدَمٍ حرامٍ" مِن النَّدى، وهو: قَطراتُ المَطَرِ، والمُرادُ به هنا: قَطراتُ الدَّمِ، لم يُصِبْ مِن الدَّمِ المَعصومِ شيئًا، أو لم يَنَلْه منه شيءٌ بالمُباشرَةِ بنفْسِه، أو بالحَثِّ والحضِّ عليه، "دخَلَ الجنَّةَ"، أي: كان جَزاؤُه الفَوزَ بالجنَّةِ عندَ اللهِ وبفضْلٍ منه سُبحانَه، وذلك بعدَ أنْ يُجَازَى على ما كان منه مِن ذُنوبٍ وصغائرَ، ولا يَزالُ المَرْءُ في فُسحةٍ مِن دِينِه ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا، كما في صحيحِ البُخاريِّ، وكما قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]، وقال في صِفَةِ عِبادِ الرَّحمنِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، أي: يَلْقَ عِقابًا.
وفي الحديثِ: بيانُ فَضْلِ التَّوحيدِ، وخطرِ الشِّركِ.
وفيه: التَّشديدُ والتَّغليظُ في أمْرِ الدِّماءِ المَعصومةِ.