باب التي وهبت نفسها للنبي ﷺ 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا مرحوم بن عبد العزيز، حدثنا ثابت، قال:
كنا جلوسا مع أنس بن مالك، وعنده ابنة له، فقال أنس: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضت نفسها عليه، فقالت: يا رسول الله، هل لك في حاجة؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها! فقال: هي خير منك، رغبت في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرضت نفسها عليه (1).
أباح اللهُ سبحانه لنبيِّه بعضَ الأمورِ، وخَصَّه بها، فلا تجوزُ لأحدٍ غيرِه، ومن ذلك أن أباح له أن يتزوَّجَ من امرأةٍ وهبت نَفْسَها له إن رَضِيَ بها، كما في هذا الحديثِ، حيث يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ امرأةً جاءتْ تَعْرِضُ نفْسَها على رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليَتَزَوَّجَ بها؛ فهي تَرْجو ما عندَ اللهِ والدَّارَ الآخِرةَ، لا لدُنيا فانيةٍ، أو مَصلَحةٍ زائلةٍ، فأَخَذَتْ بِنتُ أنَسٍ ظاهِرَ الأمرِ، وهو الخُروجُ عن المألوفِ حتَّى قالَت: «ما أقَلَّ حياءَها!» أي: أنَّها قليلةُ الحياءِ؛ حيث تعرِضُ نَفْسَها هكذا للزَّواجِ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّ المرأةَ مطلوبةٌ وليست طالبةً، ثم زادت بنتُ أنسٍ من التعبيرِ عن تعَجُّبِها فقالت: «وَا سَوْأَتاه وَا سَوْأَتاه!»، وهي كَلِمةٌ تُقال عندما يُؤتى بفِعلٍ قَبيحٍ، ولم تَلتفِتْ إلى ما هو أعظَمُ منه، وهو الفَوزُ بأنْ تكونَ تحْتَ نَبيٍّ مِن أنبياءِ اللهِ، لَكِنَّ أباها الَّذي عَلِمَ مِنَ المَرأةِ مُرادَها، بَيَّنَ لابنتِه أنَّها بفِعلِها هذا خَيرٌ منها؛ لأنَّها رَغِبَتْ في رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: مشروعيَّةُ عَرضِ المرأةِ نَفْسَها على الرَّجُلِ الصَّالحِ للزَّواجِ، وأن تُعَرِّفَه برَغْبَتِها فيه لصلاحِه وفَضْلِه، أو لعِلْمِه وشَرَفِه، أو لخَصلةٍ مِن خصالِ الدِّينِ، وأنَّه لا عارَ عليها في ذلك.