باب الحلم2
سنن ابن ماجه
حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، عن الحسن
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ، كظمها عبد ابتغاء وجه الله" (2)
أثنَى اللهُ تعالى على مَن كظَم غَيظَه، واحتمَل الغضَبَ في نفسِه، وأمسَك عنه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضي اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "ما مِن جُرْعَةٍ"، وأصْلُ الجُرعَةِ: الابتِلاعُ، والتَّجرُّعُ: شُربٌ في عجَلَةٍ، "أعظَمُ أجرًا عندَ اللهِ"، أي: أعلاها وأكبرُها في الأجْرِ والثَّوابِ عندَ اللهِ، وأعظَمُها وأرفَعُها درجةً، "مِن جُرعةِ غَيظٍ كَظَمها عبدٌ"، أي: كتَم غَيظَه مِن أحَدٍ وحبَس نفْسَه مِن التَّشفِّي، ولا يَحصُلُ هذا إلَّا بكَونِه قادِرًا على الانتِقامِ، ولكنَّه كتَمه "ابتِغاءَ وَجهِ اللهِ"، أي: طلَبًا لِمَرضاتِه لا لغرَضٍ آخَرَ ولا لعَجْزٍ عن إمضائِها، وشَبَّه كَظْمَ الغَيظِ ومُدافَعةَ النَّفْسِ عليه بتجرُّعِ الماءِ مرَّةً بعد أخرى؛ لشِدَّةِ مُدافَعةِ النَّفْسِ على ذلك.
وقد قال اللهُ تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133- 134]، ويكونُ جَزاؤُه مِن اللهِ أفضَلَ مِن إنفاذِ غَيظه، وشفاءِ قلبِه بالإيمانِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على إخْفاءِ الغَيظِ وإنِ امتلَأ منه قلبُ الإنسانِ.