باب الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم46
سنن الترمذى
حدثنا موسى بن حزام، وعبد بن حميد، وغير واحد، قالوا: حدثنا محمد بن بشر، قال: سمعت هانئ بن عثمان، عن أمه حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة، وكانت من المهاجرات، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة». «هذا حديث إنما نعرفه من حديث هانئ بن عثمان» وقد رواه محمد بن ربيعة، عن هانئ بن عثمان
.الذِّكرُ مِن أفضلِ العباداتِ الَّتي حثَّ عليها الشَّرعُ، وقد مدَح اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه في أكثرَ مِن موضعٍ عِبادَه الذَّاكِرين، ومِن ذلك قولُه تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35]، ورغَّب في ثوابِه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديث: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "أمرَهنَّ"، أي: أمرَ النِّساءَ أنْ "يُراعينَ" مِن الرِّعايةِ، "التَّكبيرَ"، أي: قولَ اللهُ أكبَرُ، "والتَّقديسَ"، أي: تَقْديسَ اللهِ عزَّ وجلَّ، بمِثلِ قولِ: سُبحانَ اللهِ، "والتَّهليلَ"، أي: قولَ لا إلهَ إلَّا اللهُ، "وأن يَعقِدْنَ الأنامِلَ"، أي: وأن يَذكُرْنَ اللهَ، ويَقُلْنَ هذه الأذكارَ بأطرافِ أصابعِهنَّ؛ "فإنَّهنَّ"، أي: الأنامِلَ؛ وهي أطرافُ الأصابعِ ورُؤوسُها، "مَسؤولاتٌ"، أي: مسؤولةٌ عمَّا تَفعَلُ، ومُحاسَبةٌ عليه، "مُستَنْطَقاتٌ"، أي: ستَنطِقُ وتتَكلَّمُ بما عَمِلَتْ، وتَشهَدُ على صاحبِها بما فعَل بها.
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في ذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ والإكثارِ منه.
وفيه: الحثُّ على التَّكبيرِ والتَّقديسِ والتَّهْليلِ.
وفيه: رعايةُ الأعضاءِ، واتِّقاءُ اللهِ فيها؛ فإنَّها مسؤولةٌ وشاهدةٌ.