باب الصدقة على بنى هاشم

باب الصدقة على بنى هاشم

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبى رافع عن أبى رافع أن النبى -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا على الصدقة من بنى مخزوم فقال لأبى رافع اصحبنى فإنك تصيب منها.
قال حتى آتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فأسأله فأتاه فسأله فقال « مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة ».

كرم الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وطهره ورفع درجته على العالمين، وخصه بخصائص تليق بمقام النبوة، وترفعه عن مشابهة الناس في بعض الأمور التي فيها تكالب على الدنيا وأخذ منها، ومن ذلك أنه حرم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل أو يأخذ شيئا من الصدقات؛ وذلك لأنها أوساخ الناس يطهرون بها أموالهم وأنفسهم
وفي هذا الحديث يخبر أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من بني مخزوم على الصدقة"، أي: استخدمه وجعله عاملا لجمع الصدقات والزكوات من الناس الأغنياء، حتى تفرق على الأصناف المستحقين لها، وهذا الرجل هو الأرقم بن أبي الأرقم، كما جاء مصرحا به في رواية الطبراني: "فأراد أبو رافع أن يتبعه"، وأبو رافع هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، وأراد أبو رافع أن يذهب مع المخزومي لجمع الصدقات ويأخذ مما قرره النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الوظيفة وهذا العمل، وذلك بعد أن طلب منه الرجل ذلك؛ ففي رواية أبي داود: "فقال لأبي رافع: اصحبني؛ فإنك تصيب منها"، أي: تأخذ من الصدقات ما هو مقرر لجامعها، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة لا تحل لنا"، أي: إن أموال الصدقات والزكوات محرمة على النبي وآله ولا يأخذون ولا يأكلون منها شيئا، وآله هم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، وفي حديث زيد بن أرقم عند مسلم: بعد أن حث النبي صلى الله عليه وسلم على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي»، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؛ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس؛ قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم"، وتفسير الصحابي يقدم على غيره، "وإن مولى القوم منهم"، والمولى هنا بمعنى العتيق من الرق، والمراد: أن المملوك الذي أعتقه قوم تثبت له أحكام الولاء ويصير واحدا منهم، ويجري عليه ما يجري عليهم من الأحكام، كما روى ابن حبان والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "الولاء لحمة كلحمة النسب"؛ ولذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع من الأخذ من الصدقات؛ لأنه كان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قد أعتقه لما بشره بإسلام عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
وفي الحديث: بيان تحريم الصدقات والزكوات على النبي صلى الله عليه وسلم وأهله ومن تبعهم من مواليهم