باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون (ح)
وحدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا يزيد بن زريع قالا: حدثنا هشام ابن حسان، عن محمد بن سيرين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل، فصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل" (4).
في هذا الحديثِ يَقولُ البَراءُ بنُ عازبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "سُئِل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الوضوءِ مِن لُحومِ الإبِلِ"، أي: عن حُكمِ الوُضوءِ مِن أَكْلِها، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "تَوضَّؤوا منها، وسُئِل عن لُحومِ الغَنَمِ، فقال: لا تَوضَّؤُوا منها"، وهذا يدُلُّ على وجودِ فرقٍ بينَ اللَّحْمَيْنِ، فأمَر بالوُضوءِ بعدَ أكلِ لحومِ الإبلِ، ولم يَأمُرْ بالوُضوءِ بعدَ أكلِ لحومِ الغنمِ.
"وسُئل عن الصَّلاةِ في مَبارِك الإبلِ"، أي: في الأماكنِ الَّتي تَنامُ فيها الإبلُ، سواءٌ كانت للمَبيتِ أو للرَّاحةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تُصَلُّوا في مَبارِكِ الإبلِ؛ فإنَّها مِن الشَّياطينِ"، وهذا نَهْيٌ صريحٌ عن الصَّلاةِ في أماكنِ نومِ الإبلِ؛ لأنَّ الإبلَ فيها حرَكةٌ ونُفْرةٌ، ولا يُؤمَنُ أن تُصيبَ المصلِّيَ أو تَشغَلَه عن الصَّلاةِ، كأنَّها مِن الشَّياطينِ الَّتي تَشغَلُ المصلِّيَ بالوَسْوسةِ.
"وسُئِل عن الصَّلاةِ في مَرابضِ الغنمِ"، ومَرابضُ الغَنمِ هي: أماكِنُ النَّومِ والرَّاحةِ والمبيتِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "صَلُّوا فيها؛ فإنَّها برَكةٌ"، وهذه رُخْصةٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالصَّلاةِ في أماكِنِ تَجمُّعِ الغنَمِ؛ لأنَّها مأمونةُ الجانبِ، ولا تُؤذي أحَدًا، وفيها بَركةٌ مِن حيثُ هُدوؤُها ولِينُ جانبِها، وقلَّةُ حرَكتِها مع ما فيها مِن منافعَ أخرى.