باب الصور فيما يوطأ

سنن ابن ماجه

باب الصور فيما يوطأ

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه  عن عائشة، قالت: سترت سهوة لي -تعني الداخل- بستر فيه تصاوير فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - هتكه، فجعلت منه منبوذتين، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - متكئا على إحداهما (1)

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخوِّفُ أصْحابَه ممَّا يُغضِبُ اللهَ عزَّ وجلَّ، ومن ذلك التصويرُ بقَصْدِ مُشابهةِ خَلقِ اللهِ عزَّ وجَلَّ.
وفي هذا الحَديثِ تَحْكي عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدِمَ مِن سَفَرٍ، قيل: كان قادمًا من غزوةِ تَبوكَ، وقيل: غزوةُ خَيبرَ، وأنَّها قَد سَتَرتْ بِقِرامٍ -وهُو ثَوبٌ رَقيقٌ مِن صُوفٍ فيه ألْوانٌ ونُقوشٌ، يُتَّخَذُ سِتْرًا، ويُغَطَّى به الأقمِشةُ والهوادِجُ- على «سَهْوةٍ»، أي: صُفَّةٍ في جانِبِ البَيتِ، أو بَيتٍ صَغيرٍ مُنحَدِرٍ في الأرضِ كالخِزانةِ الصَّغيرةِ، يَكونُ فيها المَتاعُ، وكان في هذه السُّترةِ تَصاويرُ، فلمَّا رَآهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «هَتَكَه» أي: نَزَعَهُ، وقالَ: «أشَدُّ النَّاسِ عَذابًا يَومَ القيامةِ الَّذينَ يُضاهونَ» أي: يُشابِهونَ بِتَصاويرِهم خَلْقَ اللهِ.
قالَتْ أمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: «فَجَعَلناهُ وِسادةً أو وِسادَتَينِ» أي: مِخَدَّةً أو مِخَدَّتَينِ، وقد فَهِمَت أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها من إنكارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصُّوَرِ في السِّترِ أنَّ ذلك لَمَّا كان منصوبًا ومعلَّقًا، وليس ما امتُهِنَ بالجُلوسِ على والارتِفاقِ، فلذلك صنَعَت منه وسادةً.
وفي الحَديثِ: استِعمالُ الصُّوَرِ فيما يُمتَهَنُ وَيُبْسَطُ.
وفيه: إنكارُ المُنكَرِ في وَقتِ رُؤيتِه وعَدَمِ التراخي في ذلك.