باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم19
سنن الترمذى
حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن الحسن، عن ضبة بن محصن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إنه سيكون عليكم أئمة تعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع»، فقيل: يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا»: «هذا حديث حسن صحيح»
للأَمْرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ منزلةٌ كبرى ومكانة عُظمى؛ وقد نالتْ بها أمَّةُ الإسلام الخيريَّةَ على سائرِ الأُمم، ولو طُوِي بساطُ الأمر بالمعروفِ وأُهْمِل عِلْمُه وعَمَلُه، لاضمحلَّتِ الدِّيانة، وفَشَتِ الضَّلالة، وشاعتِ الجَهالة، واسْتَشرى الفسادُ، واتَّسَعَ الخَرْقُ وخَرِبَتِ البلادُ، وهَلَك العبادُ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّه سيَكونُ عليكم أئمَّةٌ تَعرِفون وتُنكِرون"، أي: سيَلِي أمْرَكم أُمَراءُ مِن صِفاتِهم أنَّهم يَعمَلون فيكم بأعمالٍ، بعضُها حسَنٌ، وتَعرِفونه بصِفاتِه وعَلاماتِه، وبعضُها قبيحٌ تُنكِرونها عليهم، "فمَن أنكَر"، أي: قَوِي على الإنكارِ عليهم بيَدِه ولسانِه، "فقد بَرِئ"، أي: مِن النِّفاقِ أو مِن الإثمِ، "ومَن كَرِه"، أي: لم يَرْضَ فِعلَهم وأنكَر عليهم بقلبِه؛ لِعَدمِ قُدرتِه على الإنكارِ باليدِ أو اللِّسانِ، "فقد سَلِم"، أي: مِن مُشارَكتِهم أوزارَهم، "ولكنْ مَن رَضِي وتابَعَ"، أي: ولكن لم يَبْرَأْ مِنهم ولم يَسلَمْ مِن مُشاركتِهم في الوِزْرِ: الَّذي رَضِي بفِعْلِهم وتابَعَهم في أعمالِهم، فقيل: "يا رسولَ اللهِ أفلا نُقاتِلُهم؟"، أي: نَخرُجُ عليهم فنُقاتِلُ هؤلاء الأُمراءَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا"، أي: نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن الخروجِ عليهم وقِتالِهم، "ما صَلَّوْا"، أي: لا يَحِقُّ قِتالُهم إذا ظَلُّوا يُصلُّون فإن ترَكوا الصَّلاةَ أو منَعوها قُوتلوا.
وفي الحديثِ: علامةٌ مِن علاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: تَعظيمُ شَأنِ الصَّلاةِ.