باب القراءة في صلاة الفجر 3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن الصباح، أخبرنا عباد بن العوام، عن عوف، عن أبي المنهال، عن أبي برزة (ح)
وحدثنا سويد، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، حدثه أبو المنهال
عن أبي برزة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة (1).
خَيرُ الهَدْيِ هَدْيُ النبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد عَلَّمَ أُمَّتَه كُلَّ ما يَتعَلَّقُ بأُمورِ الدِّينِ، ومنها الصَّلاةُ وأوقاتُها وهَيئاتُها؛ لِمَا لها مِن مَكانةٍ وأهَمِّيَّةٍ في الشَّرعِ.
وفي هذ الحَديثِ يَحكي أبو بَرْزةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي الصُّبحَ وأحَدُنا يَعرِفُ جَليسَه، أي: يُمَيِّزُه، وهذا إشارةٌ إلى انبِعاثِ ضَوءِ الصُّبحِ الذي يَكادُ يَعرِفُ به المُصَلِّي مَن بجِوارِه، وذلك عِندَ الانتِهاءِ مِنَ الصَّلاةِ؛ فإنَّه كان يُطيلُ فيها، ولا يَفرُغُ منها إلَّا وقد ظَهَرتِ الأشياءُ، وانكَشَفتِ الوُجوهُ، وكانَ يَقرَأُ فيها مِنَ الآياتِ ما بيْن السِّتِّينَ إلى المِئةِ. وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الظُّهرَ بَعدَ الزَّوالِ مُباشَرةً في مُنتَصَفِ النَّهارِ، بَعدَ أنْ تَميلَ الشَّمسُ عن وَسَطِ السَّماءِ.وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي العَصرَ وأحَدُنا يَذهَبُ إلى أقصى المَدينةِ ويَرجِعُ ولا تَزالُ الشَّمسُ قَويَّةَ الشُّعاعِ، شَديدةَ الحَرارةِ، ساطِعةَ الضِّياءِ، وهذا دِلالةٌ على صَلاتِها في أوَّلِ وَقتِها.ثمَّ أخبَرَ الرَّاوي أبو المِنهالِ أنَّه نَسِيَ ما أخبَرَ به أبو بَرزةَ رَضيَ اللهُ عنه في صِفةِ الوَقتِ الذي كانوا يُصَلُّونَ فيه المَغرِبَ.قال أبو بَرزةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ولا نُبالي بتَأخيرِ العِشاءِ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ. ثم قال: إلى شَطرِ اللَّيلِ. أيْ: يُصَلِّي العِشاءَ أحيانًا في وَقتٍ يَنتَهي إلى الثُّلُثِ، أوِ النِّصفِ مِنَ اللَّيلِ؛ لِمَا فيه مِنَ الفَضلِ، وقد جاءَ في فَضلِ تأخيرِها ما رَواه أبو داودَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «أعْتِموا بهذه الصَّلاةِ؛ فإنَّكم قد فُضِّلتُم بها على سائِرِ الأُمَمِ، ولم تُصَلِّها أُمَّةٌ قَبلَكم».