باب المختلعة يأخذ ما أعطاها 1

سنن ابن ماجه

باب المختلعة يأخذ ما أعطاها 1

حدثنا أزهر بن مروان، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة
عن ابن عباس: أن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضا. فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد (1).

راعت الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ مَصالِحَ العبادِ، ويسَّرت عليهم ما يُحقِّقُ لهم السَّعادةَ في الدُّنيا والآخِرةِ، ومن مظاهِرِ اليُسرِ في الشريعةِ ورعايتِها لمصالحِ العِبادِ إباحةُ أن تختَلِعَ المرأةُ مِن زَوجِها وتُنهِيَ الحياةَ الزَّوجيَّةَ مُقابِلَ مالٍ تدفَعُه لزَوجِها عِوَضًا عن الأضرارِ التي قد تلحَقُه نتيجةَ الفِراقِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ امرَأةَ ثابِتِ بنِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عنه -واسمُها جميلةُ بنتُ أُبَيِّ ابنِ سَلُولَ رَضِيَ اللهُ عنها- أتَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبرَتْه أنَّها لا تَعيبُ على زوِجها ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ بشَيءٍ يَنقُصُه مِن جِهةِ دِينِه أو من جِهةِ خُلُقِه، ولكنَّها تَكْرَهُ الكُفرَ في الإسْلامِ. والمَعنى: أنَّها تُبغِضُه لِدَمامَتِه، وَقُبْحِ صُورَتِه، وتَخْشى أنْ يُؤَدِّيَ بها هَذا النُّفورُ الطَّبيعِيُّ مِنهُ إلى كُفرانِ العَشيرِ، والتَّقصيرِ في حَقِّ الزَّوجِ، والإساءةِ إلَيه، وارتِكابِ الأفْعالِ الَّتي تُنافي الإسلامَ مِنَ الشِّقاقِ والخُصومةِ والنُّشوزِ وَنَحوِها ممَّا يُتَوَقَّعُ مِثلُه مِن الشَّابَّةِ الجَميلةِ المُبغِضةِ لِزَوْجِها أنْ تَفعَلَه. فسألها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أتَرُدِّينَ عليه حَديقَتَه؟» والمعنى: إذا كُنتِ تَكْرَهينَهُ، وَتَخشَينَ أنْ يُؤَدِّيَ بَقاؤُكِ في عِصمَتِه إلى أمرٍ مُخالِفٍ لِدينِ الإسلامِ، فَهَل تُخالِعينَهُ وَتَفتَدينَ مِنهُ نَفْسَكِ بِمالٍ، فَتَرُدِّينَ عَلَيهِ بُستانَه الَّذي دَفَعَه لَكِ مَهْرًا؟ قالَتْ: نَعِمَ، أفعَلُ ذلك. فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لزَوْجِها ثابتِ بنِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: «اقْبَلِ الحَديقةَ وَطَلِّقْها تَطْليقةً».
وفي الحَديثِ: تَسميةُ المُعامَلةِ السَّيِّئةِ لِلزَّوجِ كُفرًا؛ لِما فيها مِن الِاستِهانةِ بِالعَلاقةِ الزَّوجِيَّةِ، وَجُحودِ حُقوقِها المَشْروعةِ، وَهَذا يَدخُلُ في كُفرانِ العَشيرِ، وَيُنافي ما يَقتَضيهِ الإسلامُ.
وفيه: مشروعيَّةُ خَلعِ المرأةِ لِزَوجِها.