باب المعراج 2
بطاقات دعوية
عن ابن عباس - رضى الله عنهما - في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}؛ قال: هى رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسرى به إلى بيت المقدس.
قال {والشجرة الملعونة في القرآن}؛ قال هى شجرة الزقوم.
يُرسِلُ اللهُ سُبحانَه وتعالَى آياتِه البيِّناتِ ومُعجزاتِه الباهراتِ؛ فيُؤمِنُ ويُصدِّقُ بها المُسلِمونَ الموحِّدونَ، وتكونُ فِتْنةً يَجحَدُ ويُكذِّبُ بها الكافِرونَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عن مَعنى قولِه تعالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، فالمُرادُ بالرُّؤْيا هنا: ما رَآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعايَنَه بعَينَيْه مِن آياتٍ وعَجائبَ، في رِحلةِ الإسْراءِ والمِعراجِ؛ فإنَّها كانت فِتْنةً؛ لأنَّه لمَّا قَصَّها على النَّاسِ كذَّبَ بها المُشرِكونَ. وقولُه: «رُؤْيا عَيْنٍ» أضاف الرُّؤيا إلى العَينِ؛ للاحترازِ عن رُؤيا القلْبِ؛ فإنَّها كانت يَقَظةً ولَيست مَنامًا.
{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60]، قال هي: شَجرةُ الزَّقُّومِ المذكورة في قولِه تعالَى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الصافات: 62 - 66]، وهي أيضًا فِتْنةٌ؛ لأنَّ المُشرِكينَ قالوا: كيف يكونُ في النَّارِ شَجَرةٌ والنَّارُ تُحرِقُ الشَّجرَ اليابِسَ والأخضَرَ؟! فجعَلَ الله سُبحانه ذلك فِتْنةً تَزيدُ في ضَلالِهم، فلا يُؤمِنوا على ما سَبَق في عِلمِه، وسَببُ تَسميَتِها بالشَّجرةِ المَلْعونةِ: أنَّ مَن يَأكُلُ منها مَلْعونٌ، وعليه يكونُ المَعْنى: والشَّجرةُ المَلْعونُ آكِلوها، وهمُ الكفَّارُ، ولأنَّ العرَبَ تَقولُ لكلِّ طَعامٍ مَكْروهٍ وضارٍّ: مَلْعونٌ، أو بمعْنى المُبعَدةِ؛ لأنَّ اللَّعنَ هو الإبْعادُ مِن الرَّحمةِ، وهي في أصْلِ الجَحيمِ في أبعَدِ مكانٍ مِن الرَّحمةِ.