باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم52-1

سنن الترمذى

باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم52-1

حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي، قال: سمعت الأعمش يحدث، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر في العباس: «إن عم الرجل صنو أبيه»، وكان عمر كلمه في صدقته. هذا حديث حسن

كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم إذا أصابَ أحدَهم الهَمُّ مِن أمرٍ هَرَعَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَشْكو إليه عِلَّتَه، ويَحْكي له مُشكِلتَه، فيَجِدُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الدَّواءَ والشِّفاءَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجليلُ عبدُ المطَّلِبِ بنُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ: "أنَّ العبَّاسَ بنَ عبدِ المطَّلِبِ"، وهو عمُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "دخَل على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُغضَبًا وأنا عِندَه"، أي: جاءَ العباسُ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى العبَّاسِ علاماتُ الغضَبِ، وعبدُ المطَّلبِ بنُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقال: ما أغضَبَك؟"، أي: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للعبَّاسِ: لماذا أنت غَضبانُ؟ قال العبَّاسُ: "يا رسولَ اللهِ، ما لَنا ولِقُريشٍ!"، أي: ماذا تُريدُ قريشٌ مِن بَني هاشمٍ؟ "إذا تَلاقَوْا بينَهم"، أي: إذا التقَتْ قُريشٌ بينَهم وبينَ بَعضِهم دونَ بَني هاشمٍ، "تَلاقَوْا بوُجوهٍ مُبْشَرةٍ"، أي: لاقَى بعضُهم بعضًا بالتَّودُّدِ والتَّلطُّفِ ووُجوهٍ يَملَؤُها البِشْرُ، "وإذا لَقُونا لَقُونا بغيرِ ذلك"، أي: لَقُونا نحن بَني هاشمٍ بِغَيرِ توَدُّدٍ ولا تلَطُّفٍ ولا بِشْرٍ في الوجوهِ، "قال"، أي: عبدُ المطَّلبِ بنُ ربيعةَ: "فغَضِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى احمَرَّ وجهُه"، أي: تأثَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بكلامِ العبَّاسِ وغَضِب غضَبًا شديدًا.
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والَّذي نَفْسي بيَدِه"، أي: وأُقسِمُ بالَّذي يَملِكُ أمْرَ نَفْسي وهو اللهُ، "لا يَدخُلُ قَلْبَ رجُلٍ الإيمانُ حتَّى يُحِبَّكم للهِ ولرسولِه"، قيل: لا يَدخُلُ الإيمانُ أبدًا، وفي هذا نَفْيُ الإيمانِ مُطلَقًا، وقيل: هذا نفيٌ لكَمالِ الإيمانِ، أي: لا يَتِمُّ إيمانُ أحدِكم ويَكمُلُ حتَّى يُحِبَّكم يا بَني هاشمٍ حُبًّا للهِ ولرَسولِه، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا أيُّها النَّاسُ، مَن آذى عَمِّي فقَد آذاني"، أي: مَن ألْحَق بعَمِّيَ الأذى فكأنَّه ألحَق بي أنا الأذى؛ "فإنَّما عمُّ الرَّجلِ صِنْوُ أبيه"، أي: عمُّ الرَّجلِ مِثلُ أبيه في المَكانةِ والمنزلةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ مَنقبةِ وفَضلِ العبَّاسِ بن عبد المطَّلبِ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ حُبَّ آل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الإيمانِ.