باب الوضوء من النوم 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام حتى ينفخ، ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ (2).
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعبدَ الناسِ لرَبِّه، وكان يُصلِّي من اللَّيلِ ما شاء اللهُ له أن يُصلِّي، وكان يُداوِمُ على ذلك، وقد اطَّلعَ أُمَّهاتُ المُؤمنين وبعضُ الصَّحابةِ على صَلاتِه باللَّيلِ ووصَفوها، ومنهم عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ كُريبٌ مَولى ابنِ عبَّاسٍ: "سألْتُ ابنَ عبَّاسٍ، قلتُ: كيف كانتْ صَلاةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللَّيلِ؟" أي: يسأَلُ عن عدَدِ رَكعاتِها وكيفيَّتِها، "فوصَفَ أنَّه"، أي: أخبَرَه ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "صَلَّى إحدى عشْرةَ ركعةً بالوتْرِ"، أي: صَلَّاها مُتواليةً رَكعتَينِ ركعتَينِ، كما في ظاهرِ الرِّواياتِ، ثمَّ صَلَّى الوتْرَ في نِهايتِها، "ثمَّ نام حتَّى استثقَلَ، فرأيْتُه ينفُخُ"، أي: غَطَّ في النَّومِ واستغرَقَ، حتَّى أخرَجَ الهواءَ مِن فَمِه، "وأتاهُ بِلالٌ فقال: الصَّلاةُ يا رَسولَ اللهِ"، أي: يُؤذِنُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويُعلِمُه بصَلاةِ الفَجرِ، "فقام، فصَلَّى رَكعتَينِ"، أي: سُنَّةَ الفجْرِ، وبذلك تكونُ صَلاتُه من اللَّيلِ ثلاثَ عشْرةَ ركعةً، كما جاء في بعضِ الرِّواياتِ، "وصَلَّى بالنَّاسِ، ولم يتوضَّأْ"، أي: ولم يُجدِّدْ وُضوءَه بعدَ النَّومِ؛ وهذا مِن خَصائصِه صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّمَ؛ لأنَّه تَنامُ عينُه ولا ينامُ قلْبُه؛ فهو مُدرِكٌ لِما حولَه ولم ينقُضْ وُضوءَه؛ فمَظِنَّةُ الحدَثِ مُنتفيةٌ مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلو أنَّه أحدَثَ لقام فتوضَّأَ، وقد جاءَ في أحاديثَ أُخْرى أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَتوضَّأُ في أحْيانٍ أُخْرَى، ويُجدِّدُ وُضوءَه إذا نامَ بعدَ صلاةِ اللَّيلِ، وأحيانًا لا يَتوضَّأُ كما في هذِه الرِّوايةِ؛ لأنَّهُ أدْرَى بحالِه مع ما له مِن خاصِّيَّةِ الإدراكِ وهو نائمٌ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ