باب بيع الخيار 1
سنن ابن ماجه
حدثنا حرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى المصريان، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله، قال: اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل من الأعراب حمل خبط، فلما وجب البيع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختر" فقال الأعرابي: عمرك الله بيعا (2).
البيعُ والشِّراءُ مِن الأُمورِ الحَياتِيَّةِ، وقد بيَّنَ الشَّرعُ ضوابطَها ووضَّحَها، والتَّراضي مِن أهمِّ شُروطِ نفاذِ البيعِ، وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما عن بيعِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وشِرائِه، فيقولُ: "اشترى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن رجُلٍ مِن الأعرابِ"، والأعرابُ: هم مَن يسكُنونَ الباديةَ، "حِمْلَ خَبَطٍ" الحِمْلُ: ما حُمِلَ، سواءٌ كان على ظهْرٍ أو رأسٍ، والخَبَطُ اسمٌ مِن الخَبْطِ، وهو ضرْبُ الشَّجرِ بالعصا؛ لِيتناثَرَ ورقُها، واسمُ الورقِ السَّاقطِ منها خَبَطٌ، وهو يُسْتَخْدَمُ عَلَفًا للإبلِ، "فلمَّا وجَبَ البيعُ"، أي: لمَّا انتهيا مِن الاتِّفاقِ على أمْرِ البيعِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اخْتَرْ" أي: بينَ القَبولِ بالثَّمنِ وإنفاذِ البيعِ للمُشتري، أو رَدِّ البيعِ، باعتبارِ أنَّ الأعرابيَّ هو البائعُ، فقال الأعرابيُّ: "عَمْرَكَ اللهَ بَيِّعًا"، أي: طوَّلَ اللهُ عُمُرَك، أو أصلَحَ حالَك؛ فـ(العَمْرَ) و(اللهَ) منصوبانِ، تقديره: أسألُ اللهَ تَعميرَك، وأن يُطيلَ عُمرَك، "بَيِّعًا"، أي: مِن بَيْعٍ، كأنَّه رضِيَ بهذا القولِ، فمدَحَه بأنَّه خيرُ بيعٍ، وأنَّه يستحِقُّ أنْ يُدْعَى له بأنَّه خيرُ بَيْعٍ، وأنَّه يستحِقُّ أنْ يُدْعَى له بالتَّعميرِ. وفي روايةٍ: قال البائعُ لَمَّا خيَّرَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنْ رأَيْتُ كاليومِ، عَمْرَكَ اللهَ، ممَّن أنت؟ قال: مِن قُريشٍ".
وفي ابنِ ماجَهْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إنَّما البَيعُ عن تراضٍ"، أي: من البائع بإخراج السلعة عن ملكه ومن المشتري بإدخاله في ملكه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّراضي في البيعِ والشِّراءِ.
وفيه: بيانُ سماحةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في البيعِ والشِّراءِ