باب بيع الخيار 2
سنن ابن ماجه
حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن داود بن صالح المديني، عن أبيه، قال:
سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما البيع عن تراض" (1).
البيعُ والشِّراءُ مِن الأُمورِ الحَياتِيَّةِ، وقد بيَّنَ الشَّرعُ ضوابطَها ووضَّحَها، والتَّراضي مِن أهمِّ شُروطِ نَفاذِ البيعِ، وهذا الحديثُ له سبَبُ وُرودٍ، حيثُ يقولُ أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "قدِمَ يهوديٌّ بتَمْرٍ وشعيرٍ وقد أصابَ النَّاسَ جُوعٌ"، أي: في وقْتِ مَجاعةٍ وشِدَّةٍ، فسألوه أنْ يُسَعِّرَ لهم فأبَى"، أي: طلَبوا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُحدِّدَ سعرًا يُباعُ به، فرفَضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: "إنَّما البيعُ"، أي: الشَّرعيُّ الصَّحيحُ المُعتَبَرُ عند الشَّارعِ، الَّذي يترتَّبُ عليه صِحَّةُ المِلْكِ هو البيعُ الصَّادِرُ، "عن تراضٍ" مِن البائعِ بإخراجِ السِّلعةِ عن مِلْكِه، ومِن المُشتري بإدخالِه في مِلْكِه، وهذا إخراجٌ لبيعِ المُكْرَهِ، فهو ليس بيعًا مُعتَبَرًا.
ثمَّ ذكَرَ أبو سَعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه باقِيَ الحديثِ وما يشتمِلُ عليه مِن الخِصالِ الَّتي تُؤَدِّي إلى التَّراضي، فقال: "فصَعِدَ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "المِنْبَرَ، فحَمِدَ اللهَ، وأثْنى عليه، ثمَّ قال: لا ألْقيَنَّ اللهَ مِن قبْلِ أنْ أُعْطِيَ أحدًا مِن مالِ أحدٍ مِن غيرِ طِيبِ نفْسٍ؛ إنَّما البيعُ عن تراضٍ، ولكنَّ في بُيوعِكم خِصالًا، أذْكُرُها لكم، لا تَضاغَنُوا، ولا تَناجَشوا، ولا تَحاسَدوا، ولا يَسُومُ الرَّجلُ على سَوْمِ أخيه، ولا يبيعَنَّ حاضرٌ لِبادٍ، والبيعُ عن تراضٍ، وكونوا عِبادَ اللهِ إخوانًا".