باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعبد المملوك المصلح أجران والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك قال وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج (1) حتى ماتت أمه لصحبتها. (م 5/ 94
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُنبِّهُ الرَّقيقَ على حُسنِ طاعةِ أوليائِهم، فاللهُ عزَّ وجلَّ لا يُضِيعُ أجْرَ مَن أحسَنَ عمَلًا، فكلَّما زادَت التَّكاليفُ والأعباءُ على العبْدِ، وقام بها حِسبةً للهِ، زادَه اللهُ عزَّ وجلَّ أجْرًا.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَهمْ أنَّ للمَملوكِ الصَّالحِ الذي يَقومُ بحَقِّ مالكِه في الخِدمةِ، وبحقِّ اللهِ عزَّ وجلَّ في العِبادةِ؛ أجْرَين: أجرٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ على خِدمَتِه سيِّدَه واحتِسابِه ذلك عندَ اللهِ، كما أنَّ له -كما لغيرِه- أجْرًا آخرَ عندَما يَقومُ بحُقوقِ اللهِ تعالى مِن العِبادةِ، فيكونُ له بذلك أجْرانِ. وقيل: له أجرانِ إنْ قام بعمَلٍ فيه خِدمةٌ لمالكِه، وهو في الوَقتِ نفسِه طاعةٌ لله، كخِدمةِ المساكينِ والضَّعَفةِ عندما يأمُرُه مَولاهُ بهذا.
ثمَّ أقسَم أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه باللهِ عزَّ وجلَّ الَّذي بيَدِه نَفْسُ أبي هُرَيرةَ، ونفْسُ غيرِه يُمِيتها متى شاءَ: أنَّه لَولا ما في الجِهادِ في سَبيلِ اللَّهِ، والحَجِّ، وبِرِّ الأُمِّ مِن عِظَمِ الأجْرِ التي يَحرِصُ عليها المسلمُ الحُرُّ؛ لَرَغِبَ وأحبَّ أنْ يكونَ عبْدًا مَملوكًا؛ لِما يَترتَّبُ على أعمالٍ تَخُّصُه مِن عَظيمِ الأجْرِ يكونُ في مَرتبةٍ تَلي المرتبةَ التي فيها الجِهادُ والحجُّ وبِرُّ الوالدينِ، فتلك الأعمالُ لا يَستطيعُ العبْدُ أداءَها إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه، وربَما عجَّزَه ومَنَعَه عنها.