باب جواز دخول مكة بغير إحرام
بطاقات دعوية
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل، فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه
خرج النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من مكة مستضعفين، ثم رجعوا إليها منتصرين ظافرين بعد أن نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين رسول الله في صلح الحديبية، وكان فتح مكة أعظم انتصارات المسلمين، وإيذانا بغروب شمس الكفر والشرك في شبه الجزيرة العربية
وفي هذا الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح -العام الثامن من الهجرة- وعلى رأسه المغفر، وهو واقي الرأس الذي يلبسه المحارب لحمايته. وورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء»، فيحتمل أن يكون المغفر فوق العمامة؛ وقاية لرأسه المكرم من صدأ الحديد، أو كانت العمامة فوق المغفر، أو كان أول دخوله على رأسه المغفر، ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك، فحكى كل منهما ما رآه
فلما نزع صلى الله عليه وسلم المغفر جاءه رجل -أبو برزة نضلة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه، أو سعيد بن حريث رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله، إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة -وكان تعلقه بها استجارة بها- فقال صلى الله عليه وسلم: اقتلوه. وابن خطل كان اسمه في الجاهلية عبد العزى، وهو من بني تيم بن فهر بن غالب، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، واسم خطل عبد مناف، وخطل لقب له؛ لأن أحد لحييه كان أنقص من الآخر، وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكان مع رجل من الأنصار ليجمعا الصدقات، وأمر الأنصاري عليه، فلما كانا ببعض الطريق قتل ابن خطل الرجل الأنصاري، وأخذ ماله، وعندما عاد إلى مكة اتخذ جاريتين تغنيان بسب النبي صلى الله عليه وسلم، فاستثناه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمان الذي أعطاه لمن دخل البيت الحرام عند فتح مكة، وكان قد أمر بقتله ولو وجد متعلقا بأستار الكعبة، فقتله أبو برزة رضي الله عنه وشاركه فيه سعيد بن حريث رضي الله عنه، أو قتله سعيد بن ذؤيب رضي الله عنه، أو الزبير بن العوام رضي الله عنه، وكان قتله بين المقام وزمزم، وقتله كان بما جناه في الإسلام، فقتل قصاصا لدم المسلم الذي قتله ثم ارتد
وفي الحديث: مشروعية دخول مكة دون إحرام لحج أو عمرة
وفيه: مشروعية إقامة الحد والقصاص في مكة
وفيه: أن الكعبة لا تعيذ عاصيا، ولا تمنع من إقامة حد واجب
وفيه: مشروعية لبس المغفر وغيره من آلات الحرب حال الخوف من العدو، وأنه لا ينافي التوكل
وفيه: مشروعية رفع أخبار أهل الفساد إلى ولاة الأمور، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة ولا النميمة