باب ذات الجنب
بطاقات دعوية
عن أنس: أن أبا طلحة وأنس بن النضر كوياه، وكواه أبو طلحة بيده.
أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّداوي وطلَبِ الشِّفاءِ إذا ما أُصيبَ أحدٌ بَمَرضٍ؛ أخذًا بالأسبابِ، مع التوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجَلَّ والاعتقادِ بأنَّه الشَّافي.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمَحَ لأَهلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصارِ -وهُمْ بنو عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ- «أنْ يَرْقُوا مِنَ الحُمَةِ والأُذُنِ»، أي: يَستَعمِلوا الرُّقيةَ في العِلاجِ، فيتعوَّذوا باللهِ عزَّ وجلَّ وبكَلِماتِه على ما أَصابَهم مِن وَجَعٍ أو مَرَضٍ، و«الحُمَةُ» هِي: السَّمُّ الناتجُ مِن لَدْغِ العَقارِبِ أو الحَيَّاتِ، وقيل: هي حِدَّةُ السُّمِّ وحرارتُه، والمرادُ بالأُذُنِ: ما يُصيبُ الأُذنَ مِن وَجعٍ.
ولا يُعارَضُ هذا بقَولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصَّحيحينِ: «لا رُقيةَ إلَّا مِن عَينٍ» يصيبُ العائِنُ بها غيرَه إذا استحسنه عند رؤيتِه له فتضَرَّر منه ذلك المرئيُّ «أو حُمَة»، وهو محمولٌ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منع الرُّقيةَ في غَيرِهما ثمَّ رخَّص، أو أنَّ المعنى: لا رُقيةَ أنفَعُ من رُقيةِ العَينِ والحُمَةِ، ولم يُرِدْ نَفْيَ الرُّقيةِ مِن غَيرِهما.
قالَ أنَسٌ: «كُوِيتُ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ وَرَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَيٌّ»، أي: اكْتَوَيْتُ بالنَّارِ للعِلاجِ مِنْ ذاتِ الجَنْبِ، وهِيَ ألَمٌ يَعرِضُ في نَواحي الجَنْبِ، عَن رِياحٍ غَليظةٍ تَحتَقِنُ بيْنَ الجِلدِ والعَضلِ الذي في الصَّدرِ والأضلاعِ، فَتُحدِثُ وَجَعًا. وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَنْهَهُ عنِ العِلاجِ بالكَيِّ مِن هذا الدَّاءِ. ثمَّ إنَّ أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هُمُ الذينَ قاموا بكَيِّهِ وحَضُروا ذلكَ، فقد ذكر أنسٌ أنَّه حضره في هذا أبو طَلْحَةَ زيدُ بنُ سَهلٍ زَوجُ والِدةِ أنَسٍ أمِّ سُلَيمٍ، رَضِيَ اللهُ عنهم، وهو الذي باشر كَيَّ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه بيَدِه. وشَهِدَه: أنسُ بنُ النَّضْرِ رَضِيَ اللهُ عنه عَمُّ أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه. وزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ الأنصاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه أحَدُ كُتَّابِ الوَحيِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكلَّفه أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في خلافتِه بجَمعِ القُرآنِ الكريمِ.
وفي الحَديثِ: الرُّقيةُ مِن لَدْغ العَقارِبِ والحيَّاتِ وما شابَهَ ذلكَ، ومِنْ وَجعِ الأُذُنِ.