باب صاع المدينة، ومد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبركته 2
بطاقات دعوية
عن نافع قال: كان ابن عمر يعطي زكاة رمضان بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - المد الأول، وفي كفارة اليمين بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو قتيبة: قال لنا مالك: مدنا أعظم من مدكم، ولا نرى الفضل إلا في مد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال لي مالك: لو جاءكم أمير فضرب مدا أصغر من مد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأي شيء كنتم تعطون؟ قلت: كنا نعطي بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أفلا ترى أن الأمر إنما يعود إلى مد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
أحكامُ الدِّينِ المُبَيَّنةِ بالنَّصِّ الشَّرعيِّ هي أحكامٌ توقيفيَّةٌ، ولا ينبغي تغييرُها، ومن ذلك المقاديرُ الشَّرعيَّةُ التي تخرجُ في الزكاةِ والصَّدَقاتِ والكَفَّاراتِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ نافعٌ مولى ابنِ عُمَرَ أنَّ عبْدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما كان مُلتزِمًا بمُدِّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأوَّلِ قبْلَ تَغييرِه، وهذا هو المعلومُ مِن حالِه وشِدَّةِ تَأسِّيهِ بِالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان يُخرِجُ زَكاةَ الفِطرِ بمُدِّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهي التي ذُكِرَت في الصَّحيحينِ من حديثِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: «كنا نُخرِجُ زكاةَ الفِطرِ صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من أقِطٍ، أو صاعًا من زبيبٍ»، وكذا كان يُخرِجُ كفَّارةَ اليمينِ -وهي ما يكونُ على الَّذي يَحنَثُ في يمينِه، والمختصُّ بذِكْرِها هنا، هي: كفَّارةُ الإطعامِ- بمُدِّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. والمُدُّ مِكيالٌ، ويُقدَّرُ بملْءِ اليَدَينِ المُتوسِّطتَينِ غَيرِ مقبوضتَينِ ولا مَبسوطتَينِ، ووصَفَه الرَّاوي هنا بِالمُدِّ بالأوَّلِ؛ لِيُفرِّقَ بيْنَه وبيْنَ مُدِّ هِشامِ بنِ الحارثِ الَّذي أخَذَ به أهلُ المدينةِ في كفَّارةِ الظِّهارِ؛ لِيُغلِّظَها على المُظاهِرينَ الَّذين شَهِدَ عليهم أنَّهم يَقولونُ مُنْكرًا مِنَ القولِ وزُورًا، فجعلوهَا بمُدِّ هِشامٍ، وهو أكبرُ مِن مُدِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بُثلَثِي مُدٍّ، ولم يَكُنْ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا مُدٌّ وَاحدٌ، وهو الَّذي نُقِلَ عنه.
والمُدُّ: يُساوي الآنَ تَقريبًا (509) جِراماتٍ في أقلِّ تَقديرٍ، و(1072) جِرامًا في أعْلى تَقديرٍ.