باب طواف القارن
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي، حدثنا أبي، عن غيلان بن جامع، عن ليث، عن عطاء وطاووس ومجاهد
عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم حين قدموا إلا طوافا واحدا (3)
الحجُّ رُكنٌ مِن أَركانِ الإسْلامِ، وهوَ عِبادةٌ لمَنِ استَطاعَ إليها سَبيلًا، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرْكانَه وسُنَنَه وآدابَه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجَليلُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في حجَّتِه لم يَطُفْ هو وأَصْحابُه رَضيَ اللهُ عنهم بيْنَ الصَّفا والمَروةِ، إلَّا طَوافًا واحدًا، وَزادَ في رِوايةٍ: «طَوافَه الأَوَّلَ»، والمرادُ بالطَّوافِ هنا السَّعيُ بينَ جبلَيِ الصَّفا والمَروةِ، وهو أحَدُ أركانِ الحجِّ والعُمرةِ، ويكونُ سَبعةَ أشْواطٍ؛ يَبدأُ الشَّوطُ الأوَّلُ منَ الصَّفا ويَنتَهي بالمَروةِ، والشَّوطُ الثَّاني منَ المَروةِ ويَنتَهي بالصَّفا، وهكذا، فمَن كانَ مِن أصْحابِه قارِنًا -وهو الَّذي جمَعَ بينَ الحجِّ والعُمرةِ بإحْرامٍ واحدٍ- فهَؤلاءِ لم يَسعَوْا بيْنَ الصَّفا والمَروةِ إلَّا مرَّةً واحدةً؛ لأنَّ القارِنَ يَكْفيهِ طَوافٌ واحِدٌ وسَعيٌ واحدٌ؛ لأنَّ أفْعالَ العُمرةِ تَندرِجُ في أفْعالِ الحجِّ. وأمَّا مَن كان مُتمتِّعًا بالعُمرةِ إلى الحجِّ -وهو الَّذي يُحرِمُ بالعُمْرةِ في أشهُرِ الحجِّ، ثُمَّ يَحِلُّ منها، ثُمَّ يُحرِمُ بالحَجِّ- فإنَّه سَعَى سَعيَيْنِ: سَعيًا لعُمرتِه، ثُمَّ سَعيًا آخَرَ لحَجِّه يومَ النَّحرِ، ويُوضِّحُ ذلكَ ما رَواه البُخاريُّ ومُسلمٌ عنْ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالتْ: «فطافَ الَّذينَ كانوا أَهلُّوا بالعُمرةِ بالبَيتِ وبينَ الصَّفا والمَروةِ، ثُمَّ حلُّوا، ثُمَّ طافوا طَوافًا آخرَ بعدَ أنْ رَجَعوا مِن مِنًى»، أي: مَن كان مُتمتِّعًا «وأمَّا الَّذين جَمَعوا الحجَّ والعُمرةَ؛ فإنَّما طافوا طَوافًا واحدًا»، أي: مَن كان قارِنًا.