باب علامات النبوة في الإسلام 13
بطاقات دعوية
عن أبي صعصعة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال لي: إني أراك تحب الغنم وتتخذها، فأصلحها وأصلح رعامها (32)؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
([يوشك أن 1/ 10] يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم، يتبع بها شعف الجبال (33) -أو سعف الجبال- في مواقع القطر؛ يفر بدينه من الفتن".
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرى ما لا يَراه غَيرُه، وكان الوَحيُ يُطلِعُه على بَعضِ ما يَحدُثُ في قابِلِ الزَّمانِ إجْمالًا أو تَفْصيلًا؛ ولذلك فقدْ حذَّرَنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الفِتَنِ الَّتي سَتقَعُ، وعلَّمَنا كَيف نَتَّقِيها بالتَّمسُّكِ بالحقِّ، وهو كِتابُ اللهِ، وسُنَّةُ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي صَعْصَعةَ الأنْصاريُّ أنَّ الصَّحابيَّ أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه قال له: إنِّي أراكَ تُحِبُّ الغنَمَ، وتتَّخِذُها وتَقْتَنيها، فأمَرَه بإصْلاحِها؛ بالحِفاظِ عليها، وإحْسانِ رَعيِها، وأنْ يُصلِحَ «رُعامَها»، وهو ما يَسيلُ مِن أُنُوفِها، ويكونُ ذلك بمُداواةِ مرَضِها، وعلَّل ذلك بأنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «يَأْتي على النَّاسِ زَمانٌ تكونُ الغنَمُ فيه خَيرَ مالِ المُسلِمِ، يَتبَعُ بها شَعَفَ الجِبالِ، أو سَعَفَ الجِبالِ»، السَّعَفُ في الأصْلِ: غُصونُ النَّخلِ إذا يَبِسَت، والمُرادُ بِالشَّعَفِ أو السَّعَفِ هنا: رُؤوسُ الجِبالِ، «في مَواقعِ القَطْرِ»، أي: في مَواضِعِ نُزولِ المطَرِ، وهي بُطونُ الأوْديةِ والصَّحاري، حيث يَنزِلُ المَطرُ، ويَكثُرُ العُشبُ، فتَرْعاه الغنَمُ؛ وإنَّما يَفعَلُ المَرءُ ذلك فِرارًا مِن الفِتنِ؛ وطَلبًا لسَلامةِ دِينِه وآخِرَتِه.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ.
وفيه: فَضلُ اتِّخاذِ الغنَمِ، والاعْتِناءِ بها.
وفيه: الإخْبارُ بوُقوعِ الفِتنِ للتَّحْذيرِ منها، وليَتأهَّبَ النَّاسُ لها، فلا يَخوضوا فيها، ويَسأَلوا اللهَ الصَّبرَ والنَّجاةَ مِن شَرِّها.