باب علامات النبوة في الإسلام 14
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ستكون فتن؛ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف (34) لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به".
الواجبُ على المُسلمِ أنْ يَجتنِبَ مَواضِعَ الفِتنِ؛ لأنَّه لا أحَدَ يَأمَنُ على نفْسِه منها، والمَعصومُ مَن عَصَمَه اللهُ تعالَى، وقدْ أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه إلى ما يَجِبُ فِعلُه في وَقتِ الفِتنِ، وحذَّرَها مِن سُوءِ عاقِبةِ الانخِراطِ فيها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ستَحصُلُ وتَأْتي فِتنٌ على هذه الأُمَّةِ، والمُرادُ بهذه الفِتنِ: الَّتي يَختلِطُ فيها الحقُّ بالباطلِ؛ فلا يُعلَمُ المُحِقُّ فيها مِن المُبطِلِ، ويُقاتَلُ فيها على الدُّنْيا. «القاعِدُ فيها خَيرٌ مِن القائمِ، والقائمُ فيها خَيرٌ منَ الماشي، والماشي فيها خَيرٌ منَ السَّاعي»، والمَقصودُ بَيانُ عِظَمِ خَطَرِها، والحَثُّ على تَجنُّبِها، والهرَبِ منها، وعدَمِ التَّسبُّبِ في شَيءٍ منها؛ لأنَّ سَببَها وشَرَّها وفِتنتَها تكونُ على حسَبِ التَّعلُّقِ بها؛ فالقاعِدُ يكونُ أقلَّ مِن الماشي، والماشي أقلَّ مِنَ السَّاعي، وهكذا، «ومَن يُشرِفْ لها تَستَشْرِفْه»، أي: مَن يَتطلَّعْ إليها ويَتعرَّضْ لها تَغلِبْه وتُهلِكْه، «ومَن وجَدَ مَلْجأً، أو مَعاذًا فلْيَعُذْ به»، أي: مَن وَجدَ طَريقًا يَتِّقي به المُشارَكةَ في هذه الفِتَنِ فلْيفعَلْ، ولْيَعْصِمْ دِينَه ودُنْياه مِن الخَوضِ فيها.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ.
وفيه: الإخْبارُ بوُقوعِ الفِتنِ للتَّحْذيرِ منها، وليَتأهَّبَ النَّاسُ لها، فلا يَخوضوا فيها، ويَسأَلوا اللهَ الصَّبرَ والنَّجاةَ مِن شَرِّها.