باب فضل المدينة2
سنن ابن ماجه
حدثنا بكر بن خلف، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، عن أيوب، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع (2) أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشهد لمن مات بها" (3)
عُرِف للمدينةِ فَضلُها بهِجرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لها ومَن معَه مِن المسلِمين، حتَّى كانوا نواةَ الإسلامِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن استَطاع أن يَموتَ بالمدينةِ"، أي: يَبْقى ويُقيمَ فيها ولا يَخرُجَ منها حتَّى يُوفِيَ أجلَه فيها، "فَلْيَمُتْ بها"، أي: فَلْيبقَ فيها؛ "فإنِّي أشفَعُ لِمَن يموتُ بها"، أي: إنَّ أجْرَ مَن يبقى بالمدينةِ حتَّى يموتَ فيها هو شفاعةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم له فوق شفاعتِه العامَّةِ، زيادةً في إكرامِ وأجرِ مَن حرَص على أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وهذا الأمرُ بالموتِ بالمدينةِ ليس في استطاعةِ مخلوقٍ، بل هو إلى اللهِ تعالى، ولكنَّه أمر بلُزومِها، والإقامةِ بها، بحيث لا يُفارِقُها، فيَكونُ ذلك سببًا لأنْ يَموتَ فيها، فأطلَق المسبِّبَ وأراد السَّببَ، كقولِه تعالى: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].
ولا يبعُدُ أن يُرادَ بِهذا الأمر المُهاجِرونَ؛ فإِنَّه ذَمَّ لَهم المَوتَ بِمكَّةَ.
وفي هذا الحديثِ: بيانُ فضلِ المدينةِ والإقامةِ بها إلى المماتِ.