باب فى إقطاع الأرضين
حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفى ومحمد بن المتوكل العسقلانى - المعنى واحد - أن محمد بن يحيى بن قيس المأربى حدثهم أخبرنى أبى عن ثمامة بن شراحيل عن سمى بن قيس عن شمير - قال ابن المتوكل ابن عبد المدان - عن أبيض بن حمال أنه وفد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستقطعه الملح - قال ابن المتوكل الذى بمأرب - فقطعه له فلما أن ولى قال رجل من المجلس أتدرى ما قطعت له إنما قطعت له الماء العد. قال فانت
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على نفع الناس واستعمار الأرض، وكان يقطع لأصحابه أرضا لينتفعوا بها ويصلحوها، ولكنه في الوقت ذاته كان يراعي ألا يعطي ما فيه مصلحة عامة للناس
وفي هذا الحديث أن أبيض بن حمال "وفد"، أي: جاء "إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه"، أي: طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطعه معدن "الملح الذي بمأرب"، أي: الذي يقع بمأرب وهي مدينة في اليمن، "فقطعه له"، أي: أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ما سأل، "فلما أن ولى"، أي: فلما ذهب وانصرف، قال رجل من المجلس: "أتدري ما قطعت له؟"، أي: أتعلم ما أعطيته؟ "إنما قطعت"، أي: أعطيت له "الماء العد"، أي: الماء الدائم السهل الذي لا ينقطع ولا يحتاج إلى تعب ولا مشقة، وليس في جوف الأرض، فكل إنسان يستفيد منه، والمقصود أن هذا الملح كثير بهذه المنطقة، ولا يحتاج إلى مجهود لاستخراجه، وفيه منفعة عامة للناس، ويأخذون منه
قال: "فانتزع منه"، أي: أخذه النبي صلى الله عليه وسلم منه ثانية، فأبطل تمليكه للملح، قال: "وسأله عما يحمى من الأراك"، وهو الشجر الذي يتخذ منه السواك، والمقصود: ما الذي يمكن أن يحمى من أرض المراعي التي فيها الشجر والعشب، فيحجر عليه لنفسه؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما لم تنله"، أي: لم تبلغه "خفاف"
وقال ابن المتوكل وهو أحد الرواة: "أخفاف الإبل"، أي: أنه يحمى ما يقع في مكان بعيد، وأما الذي يقع قريبا من العمران، والإبل تحتاج إلى أن تذهب إليه وترعى؛ فإنضه لا يقطع ولا يحمى
وفي الحديث: أن الإمام له أن يرجع في حكمه إذا تبين له الصواب في غير ما حكم
وفيه: مراعاة المنافع العامة للناس، وعدم تمليكها لأحد
زع منه قال وسأله عما يحمى من الأراك قال « ما لم تنله خفاف ». وقال ابن المتوكل « أخفاف الإبل ».