باب فى الحمرة
حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال هبطنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ثنية فالتفت إلى وعلى ريطة مضرجة بالعصفر فقال « ما هذه الريطة عليك ». فعرفت ما كره فأتيت أهلى وهم يسجرون تنورا لهم فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد فقال « يا عبد الله ما فعلت الريطة ». فأخبرته فقال « ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس به للنساء ».
كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في ملبسهم ومظهرهم، ويجتنبون كل ما يكرهه، وفي هذا الحديث يقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "هبطنا"، أي: هو وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، "مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية"، أي: طريق من طرق الجبال، "فالتفت، أي: انتبه ونظر، "إلي وعلي ريطة"، أي: ثوب من قطعة واحدة مثل الملاءة رقيق لين، "مضرجة"، أي: مصبوغة صبغا خفيفا "بالعصفر"، والعصفر: نبات يستخرج منه صبغ أصفر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذه الريطة عليك؟"، استعجاب واستنكار من النبي صلى الله عليه وسلم للبسه إياها، يقول عبد الله في تعليق النبي صلى الله عليه وسلم عليها: "فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون"، أي: يوقدون نارا "في تنور لهم"، والتنور: الموقد الذي يخبز فيه، "فقذفتها فيه"، أي: ألقى الريطة في التنور الموقد بالنار، إشارة إلى أنه تخلص منها بالحرق
قال: "ثم أتيته من الغد"، أي: صباح اليوم التالي الذي كان فيه مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله، ما فعلت الريطة؟ فأخبرته"، أي: بأنه أحرقها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم معترضا على إحراقها: "ألا كسوتها بعض أهلك؛ فإنه لا بأس به للنساء"، أي: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يظهر له أن مثل هذه الريطة لا تليق بالرجال، ولكنها ربما كانت تنفع النساء