باب فى الشهادات
حدثنا أحمد بن سعيد الهمدانى وأحمد بن السرح قالا أخبرنا ابن وهب أخبرنى مالك بن أنس عن عبد الله بن أبى بكر أن أباه أخبره أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أخبره أن عبد الرحمن بن أبى عمرة الأنصارى أخبره أن زيد بن خالد الجهنى أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « ألا أخبركم بخير الشهداء الذى يأتى بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها ». شك عبد الله بن أبى بكر أيتهما قال. قال أبو داود قال مالك الذى يخبر بشهادته ولا يعلم بها الذى هى له. قال الهمدانى ويرفعها إلى السلطان. قال ابن السرح أو يأتى بها الإمام. والإخبار فى حديث الهمدانى. قال ابن السرح ابن أبى عمرة. لم يقل عبد الرحمن.
أمرنا الله سبحانه بأداء الشهادات إلى أهلها، وهذا بر وخير، وقيام بحق الأخوة في الإسلام، فمن بادر إلى أداء الشهادة بحق، فله الفضل على غيره، ممن لم يبادر بها؛ لأنه بذلك أثبت الحقوق لأهلها، وفرج كربا عن مسلم، وأدخل السرور عليه
وفي هذا الحديث يشوق النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فيسألهم: «ألا أخبركم بخير الشهداء؟» أي: أفضل الشهود وأكملهم في رتبة الشهادة، وأكثرهم ثوابا عند الله تعالى، ثم يجيب: «الذي يأتي بشهادته»، أي: يحملها ليؤديها قبل أن تطلب منه هذه الشهادة. قيل: المراد بالشهادة التي يجب أداؤها ولم تطلب منه: هي الشهادة بحق لم يحضر مستحقه أو بشيء يخاف ضياعه أو فوته، وقيل: المراد من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها، فيخبره أنه شاهد. وقيل: المراد شاهد الحسبة فيما يقبل فيه، وقيل: المراد المبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها
ولا يعارض هذا الحديث بما ورد في الأحاديث من ذم من يشهد دون أن تطلب شهادته، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون»، والجمع بينهما إما بأن يحمل الذم على من بادر بالشهادة في حق من هو عالم بها قبل أن يسألها صاحبها، ويكون المدح لمن كانت عنده شهادة لأحد لا يعلم بها، فيخبره ليستشهد به عند القاضي، أو يحمل الذم على الشهادة الباطلة التي هي شهادة الزور، أما المبادرة إلى الشهادة الصحيحة من أجل إظهار الحق، وإعانة المظلوم، ودفع الظلم عنه؛ فإنها عمل صالح يؤجر ويثاب عليه صاحبه
وفي الحديث: فضل الشهادة بالحق وعظم قدرها